الصدقات ، إذ لم تفرض الزكاة ـ بعد ـ كضريبة يأخذها منهم الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فلا حاجة إذا للعاملين عليها إذ لا عامل عليها ، ولا الرقاب إذ لم تحصل بعد رقاب ام لم يقو المسلمون بعد على هكذا إنفاق يكفي الرقاب ام والمؤلفة قلوبهم ، فانما يحتصر الإنفاق في بداية العهد المدني على الأحوج فالأحوج وهم الخمس المذكورون في آية الإنفاق ـ هذه ـ.
وقد يستفاد «في سبيل الله» من «ابن السبيل» وبأحرى ، و «المساكين» تجمع «الفقراء والمساكين» فهذان اثنان مهما لم يصرح بهما بخصوصهما ، ثم (الْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَالْغارِمِينَ) تشملهم «في سبيل الله» المستفادة من «ابن السبيل» و (فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى) هنا مشمولة ل «في سبيل الله» في آية الصدقات ، وهكذا تتوافقان في موارد الزكاة مهما اختلفا في صيغة التعبير.
وهكذا يربط الإنفاق بين طوائف من الناس رابطة النسب والعصب ورابطة الرحمة والإنسانية الكبرى ، كل ذلك في إطار العقيدة ، وكلهم يتجاورون في هذه الآية ، متضامنين في رباط التكافل الاجتماعي الوثيق بين بني الإنسان في إطار العقيدة المتين بكل الأطوار.
وذلك الترتيب الرتيب في الإنفاق هو قضية الفطرة والعقلية الإنسانية والإيمانية ، فقد يشي بمنهج الإسلام الحكيم في حقل التربية المرابطة بين الأهلين وسواهم ، تلبية لفطرته وميوله الذاتية واستعداده ، دون احساس بالرهق ، او تكبّل بالسلاسل والأغلال جرا في المرتقى العال قفزة مكبتة ، فلا يعتسف به الطريق اعتسافا ، او يعصف به اعتصافا من فوق الآكام ، وانما صعودا ليّنا من نفسه واهليه والى كل المحاويج ، فقدماه على الأرض وبصره الى السماء ، ليحلق بإنفاقه وجوده على كل المحاويج بمراتبهم.