«خيرا» هنا تشمل (فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) الى جانب «الصيام» والتطوع هو الطوع على تكلف في واجب كالسعي (فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ) (٢ : ١٨٤) عند ربه أو مندوب كما هنا إذ سقط عنه فرض الصيام بإطاقته.
(فَمَنْ تَطَوَّعَ) الصيام على إطاقته فهو خير له (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) و «من تطوع» الفدية على عدمه ام تطوعها بزيادة على مفروضة عدة وعدة (فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ) ف ـ (وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ) (٤ : ١١٠). وترى تطوع خير الصيام خير للمطيقين إياه ، أم تطوع خير الفدية؟ :
(وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)
وهذه علها ضابطة في حقل الصيام غير المحرّم بمرض أو ما أشبه ، فخيره في مفروضه يقابله شر ، وهو في مندوبه يقابله غير شرّ ، وهل تعم الذي على سفر لا يضره الصوم؟ قد يقال : نعم ، فإنه حيث لا يضر ، خير لكم ككلّ ، والخطاب هنا مطلق خرج منه الصوم المضر ، ولكنه لا ـ لعموم النص في مرّتيه ـ (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) ولا تجد سفرا يضر فيه الصيام إلّا لمرض وهو داخل في «مريضا» فذلك ـ إذا ـ نص في ان فرض المسافر كالمريض هو عدة من ايام أخر دون تخير بينها وبين رمضان ، ولكن الذين يطيقونه دون مرض ولا سفر ، وهم ـ ككل ـ الذين لا يضرهم الصوم ، هؤلاء هم المخيرون بين الصوم والفدية ، بعد انتقال فرضهم الى الفدية ، وقد يكفي ذكر «مريضا» لعدم شمول (فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً) كلّ المكلفين الثلاثة ، المذكورين قبله ، وإذا انقطع شمولها للقسم الوسط ، فقد انقطع ـ بأحرى ـ للقسم الأول.
ثم ـ وعلى أقل تقدير ـ نشك في شمول (وَأَنْ تَصُومُوا ...) لغير الذين يطيقونه ، لا سيما وان تنجيز التكليف بالصوم سلبا وإيجابا لا يساعد «خيرا» ،