ولأن إسلام يخالف أهواءهم الجهنمية الماردة ، فوجوده الحق في الأرض هو في الحق بذاته غيظ غليظ يرعب أعداءه ، فلقوته ومتانته يخشونه ، فهو وذاته حرب بما فيه من حق أبلج ومن نظام سليم ومنهج قويم ، وهو بكل جوانبه حرب على الباطل وأصحابه ، فلذلك هم يرصدون لأهله كل المراصد ويتربصون بهم كل دوائر السوء ، فمهما تنوعت وسائل قتالهم ضدهم فالهدف يظل ثابتا مجمعا عليه فيما بينهم.
كلما انكسر في أيديهم سلاح انتضوا سلاحا آخر ، وكلما سقط في أيديهم من ناحية هاجموهم من أخرى ، والخبر الصادق من العليم الخبير ، الناقد البصير ، قائم صارخ في هذه الاذاعة القرآنية ، يحذر الجماعة المسلمة من الاستسلام أمام مكائدهم ، داعيا الى الصبر والدفاع المتواصل ، وإلّا فخسارة الدنيا والآخرة.
(... وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)
الارتداد قد يكون بعد تبين الهدى فأنحسه : (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ. ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ. فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ. ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ) (٤٧ : ٢٥ ـ ٢٨ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (٥ : ٥٤)
في آيتنا يناط حبط اعمال المرتد وخلوده في النار بموته وهو كافر ، واما إذا تاب ورجع الى الحق فلا ، وفي الثانية يناط الحبوط بالارتداد بعد تبين الهدى دون