الْبَيِّناتُ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ. إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ. إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) (٣ : ٨٦ ـ ٩١.
فمن ازداد كفرا بعد ارتداده عن الإيمان لن تقبل توبته وان تاب ، كمن ارتد ، ومات كافرا ، إلّا إذا كان إيمانا صادقا لا نفاقا ولا استهزاء ، واما المرتد عن الإيمان ـ أيا كان ـ فطريا أم سواه ، فقد تقبل توبته إن تاب ولم يزدد كفرا.
فليس الكفر بعد إسلام دون إيمان مهددا هنا وهناك ، انما هو الارتداد عن ايمان بعد البينات ، ثم تقبل توبة من لم يزدد كفرا أيّا كان ، ام وان ازداد إذا تم إيمانه بعده.
فإنما الارتداد المهدّد هو الكفر بعد الإيمان ، ضغطا أم عن هوى ، فإنه الافتراء الكذب على الله عمليّا كأن لم يكن الإيمان صالحا فارتد عنه إلى سواه ، وأما الارتداد عن الإسلام ولمّا يؤمن إذ لم تأته بينات صدقه فلا يهدّد هكذا بل ليس ارتدادا عن إيمان ، كما الكفر بعد الإيمان كرها وقلبه مطمئن بالإيمان : (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ. مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (١٦ : ١٠٥ ـ ١٠٧.
فكلما كانت بيّنات صدق الإيمان وقوته ومظاهره أكثر ، فالارتداد عنه أخطر مهما كان دركات ، بين من يرتد عن هوى دون ضغوط ، أو يرتد بضغوط