فهل ان بيان الله في الأربع الاولى من الخمس غير شاف؟ والقرآن بيان للناس! أم إن هيمان الخليفة على الشرب صده عن شفاءه بذلك البيان الشاف! ام هو في نفسه قاصر الفهم لحدّ ليس ليفهم بيان الله الشافي الوافي فيتطلب بعد بيانا شافيا؟ أنا لا ادري ، والخليفة ومناصروه أدرى! أدرى بمدى خمر عقله ولبه عن معرفة الحق المرام في آيات الله ، لحد يعتبر بيانه غير شاف!.
وترى كيف لا ينتهي الخليفة عن الشرب طول العهدين رغم آياتهما المحرمة للخمر ، حتى السنة الأخيرة من العهد المدني حين تنزل آية المائدة فتقرأ عليه؟ وهل كان الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ساكتا عنه ، وتاركا للحدّ عليه ، ام لم يؤمر بعد بالحد وقد ختمت مدته وانتهت دعوته؟ كلا! إنه أدبه وضربه (١) ، ولقد نهى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على غرار نهي
__________________
ـ تفسيره ٥ : ٢٠٠ وابن كثير في تفسيره ١ : ٢٥٥ و ٢ : ٩٢ نقلا عن احمد وأبي داود والترمذي والنسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه وعلي بن المديني في اسناد صالح صحيح وفي تيسير الوصول ١ : ١٢٤ وتفسير الخازن ١ : ٥١٢ وتفسير الرازي ٣ : ٤٥٨ وفتح الباري ٨ : ٢٢٥ والالوسي في روح المعاني ٧ : ١٥.
وقد يتحسر الخليفة حين نزلت آية المائدة قائلا : «ضيعة لك اليوم قرنت بالميسر» ويكأنها ما قرنت بالميسر في آية البقرة النازلة قبل المائدة طول الهجرة ، كما يتحسر أخرى قائلا : «أقرنت بالميسر والأنصاب والأزلام بعدا لك وسحقا» وقد قرنت بالميسر في البقرة! (المصدر ٢ : ٢١٥).
(١) في لفظ الزمخشري في ربيع الأبرار وشهاب الدين الابشيهي في المستطرف ٢ : ٢٩١ شرب عمر الخمر قبل الآية الاخيرة فأخذ بلحى بعير وشج به رأس عبد الرحمن بن عوف ثم قعد ينوح على قتلى بدر فبلغ ذلك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فخرج مغضبا يجر ردائه فرفع شيئا كان في يده فضربه به فقال عمر : أعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله فانزل الله : انما يريد الشيطان الاية فقال عمر : انتهينا انتهينا.
أقول : وبعد قولة الانتهاء لم يكن لينتهي عن شرب النبيذ الشديد وكان يقول : انا نشرب هذا الشراب الشديد لنقطع به لحوم الإبل في بطوننا ان تؤذينا فمن رابه من شرابه شيء فليمزجه بالماء