بالدعاء بغية ان يسمعها الله جهل بالله ف «يا ايها الناس اربعوا على أنفسكم فانكم لا تدعون أصم ولا غائبا انما تدعون سميعا بصيرا ...» (١) اللهم إلّا إسماعا لعباد الله لكي يرغبوا في الدعاء ، ام تلذذا بصريخ الدعاء فلا بأس إذا بل هو اولى.
ولأن الدعاء هي مخ العبادة حصيلة لأقرب حالات القرب الى الله والتعلق التدلي بالله ، نرى آيتها هذه على اختصارها تأتي بضمير المتكلم وحده لله سبع مرات ، خرقا للحجب السبعة بين العبد وربه ، كما وتعبر عن السائلين إياه ب «عبادي» وهي أشرف تعريف بهم دون «الناس» أما شابه من عامة التسميات لنا.
(فَإِنِّي قَرِيبٌ) إليهم قرب المكانة علما وقدرة دون قرب المكان والزمان ، ف (هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) معية العلم والقدرة والرحمة رحمانية عامة للكل ورحيمية خاصة لمن يستحقها.
فليس قربه إلينا ام الى اي شيء قرب المسافة ، بل هو أقرب القرب (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) (٥٠ : ١٦) (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ) (٥٦ : ٨٥) بل و (أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) (٨ : ٢٤) فبعد أن ليس اقرب إلينا ـ ككل ـ منا ، فالله اقرب إلينا منا ، يعلم منا ما لا
__________________
(١) المصدر ١٩٥ عن أبي موسى الأشعري قال كنا مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في غزاة فجعلنا لا نصعد شرفا ولا نهبط واديا إلّا رفعنا أصواتنا بالتكبير فدنا منا فقال يا ايها الناس ... ان الذي تدعون أقرب الى أحدكم من عنق راحلته «اجل» (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) وانما كلمهم الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كما يفهمون.