دَعانِ) في معنييها المعنيين عبادة واستدعاء بحق ، ومن ثم ثالث : (وَلْيُؤْمِنُوا بِي) ثقة بالاستجابة. فانما (إِذا دَعانِ) ي ، توحيدا في دعاءه مصحوبا بحق الدعاء والدعاء الحق ومعرفة كاملة ف «لو عرفتم الله حق معرفته لزالت بدعائكم الجبال» (١) ، فإذا صادف صالحه في أية نشأة من النشآت استجيب فيها ، وإلّا فتحولا الى صالح لم يدع له حيث ، «فإني (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) تحتّم الإجابة الصالحة ، ولكنها دون توقيت ، ولا تثبيت لخصوص ما دعى ، وقد تعني (إِذا دَعانِ) ـ فيما عنت من الدعاء الاستدعاء ـ دعاء العبودية كشرط أصيل في استجابة الاستدعاء : (وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (٧ : ٢٩) فدعوة الله الأصيلة هي دعوة العبودية ، وهي المتفرعة عليها دعوة الاستدعاء ، ومن حصائل (إِذا دَعانِ) هذه (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي) ، (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي) دعائي إياهم لعبادتي وفاء بعهدي : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) (٢ : ٤٠) ثم (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي) دعائي لهم ان يدعونني : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) (٤٠ : ٦٠).
(وَلْيُؤْمِنُوا بِي) ايمانا صالحا ككلّ ، وفاء بعهد الفطرة وعهد الرسالة ، ثم (وَلْيُؤْمِنُوا بِي) ايمانا بتحقيق وعد الاجابة «وليتحققوا أني قادر على إعطائهم ما سألوه» (٢) (لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) الى كل سؤال صالح يدعون له.
وإنها آية عجيبة تسكب في قلوب المستجيبين المؤمنين الداعين ربهم النداوة
__________________
(١) المصدر ١٩٦ ـ أخرج الحكيم الترمذي عن معاذ بن جبل عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: ...
(٢) في المجمع روي عن أبي عبد الله (عليه السّلام) انه قال : وليؤمنوا بي ، اي وليتحققوا ...