الرفث الى النساء.
وليس يدل سابق حظره على أنه من أحكام التوراة ، فقد يجوز انه كان محظورا بالسنة الإسلامية ببيان الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثم نسخته هذه الآية ، كما وان سائر الإمساك مادة ومدة في الصيام لا بد وانه مبين بالسنة ، وقد جاءت هنا إمساكات ثلاث هي أمهاتها : رفثا وأكلا وشربا ، لا فحسب ، بل وآية فرض الصيام : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) طليقة بالنسبة ل (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ ... شَهْرُ رَمَضانَ) حيث تعم ليالي رمضان الى نهاراته ، اللهم إلّا في غير الرفث الى النساء أكلا وشربا ، فضلا عما دونهما ، حيث الأكل والشرب في الإفطار ضرورة لا محيد عنها ، و (كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى ...) تحليل لما زاد عن الفطور.
فقد كان الرفث الى النساء محرما طيلة رمضان ليل نهار ، ثم أبيح هنا ليلا وبقي النهار ، كما أبيح الأكل والشرب بين الفطور والسحور وبقي النهار ، فآية الإحلال ـ إذا ـ تنسخ اطلاق فرض الصيام أياما معدودات : شهر رمضان.
ثم (لَيْلَةَ الصِّيامِ) هي كل ليالي رمضان ، دون الأولى فقط اللهم إلّا كأولى مصاديقها من رمضان (١) ، فليست التاء هنا للإفراد ، فان الأفراد هنا كلّ ليلة الصيام ، دون اختصاص بليلة دون أخرى ، واختصاصها بالأولى تخرج الليالي الأخرى عن كونها من ليالي الصيام ، فالتاء ـ إذا ـ هي للجنس هنا ، سواء الليلة الأولى ام سواها ، وسواء فيها ليالي رمضان وسواها من ليالي الصيام.
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ١٧٢ في كتاب الخصال فيما علّم امير المؤمنين (عليه السّلام) أصحابه من الاربعمائة باب قال : يستحب للمسلم أن يأتي أهله اوّل ليلة من شهر رمضان لقوله تعالى.