أمواله الحكام ذريعة لحكمهم بخلاف الحق (لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) هو من هؤلاء الذين يأكلون أموالهم واموال الناس بالباطل.
و «فريقا» هنا اعتبارا بان المؤتى رشاء يحتسب مما يأكله الراشي ، ففريقا يأكله باطلا من اموال الناس ، وفريقا يتصرف فيه باطلا من أمواله نفسه ، كذريعة للفريق الاوّل ، فحين يأكل كلّ أموال المرتشي عليه لم يأكل شخصيا إلّا فريقا منه إذ أعطى فريقا كرشاء لاستلابه ، و «لا تأكلوا» نهي عن الأكلين ذريعة ونتاجا.
والباطل بصورة عامة ثابتة ضابطة هو كل ما لا ثمن له في ميزان الله ، فأخذ اموال الناس بما لا ثمن له ام بما دون الثمن غبنا واجحافا هو أكل بالباطل ، ككل في الاوّل وكبعض في الثاني.
و «الإثم» هو كل ما يبطئ عن الحق ، والرشا تبطئ عن حق الحكم ، كما ان أكل المال بالباطل ـ أيا كان ـ هو إثم يبطئ المجتمع عن حيوية الحياة السليمة ، فلا دور للباطل أيا كان في الحقول الاسلامية عن بكرتها ، ثم ولا يحلّل حكم الحاكم المال إذا لم يكن بحق مهما لم يكن هناك الرشا فضلا عما كانت فيه وكما يروى عن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (١).
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٢٠٣ ـ أخرج الشافعي وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن ام سلمة زوج النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : إنما انا بشر مثلكم تختصمون إليّ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما اسمع منه فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذ فانما اقطع له قطعة من النار.
وفي آيات الأحكام للجصاص ١ : ٢٩٥ حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن اسامة بن زيد عن عبد الله بن رافع عن ام سلمة قالت : كنت عند رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فجاء رجلان يختصمان في مواريث ـ