حقائق علمية ما كادت البشرية لتعرف عمقها وحتى الآن إلّا نزرا ، ولكنه في مجالات الأسئولة يحولهم إلى معارف شرعية هي الأولى والأحرى بكل المسلمين أن يعرفوها ، تقديما للحاجة العامة على الخاصة ، وتحويلا للأوجب معرفة على سواه.
فالقرآن كأصل للحيوية الروحية هو كتاب شرعة ، مهما أشار او صرح بأقسام من العلوم النظرية والتجريبية كذرائع للتكملة الروحية ، فلا هو كتاب العلوم التجريبية كأصل كما يتحمس مفرطون في ذلك الحقل او يعتبروه إياه ، ولا هو خاو عنها كما يحاول بعض المفرّطين الطاغين فيه ، فكلتا المحاولتين دليل على سوء الإدراك لطبيعة الوحي القرآني ، التي تؤصل تأصيل المكلفين في نبوّ الروح الإنساني كما يريده الله ، تذرعا ـ كما يناسب مختلف البيئات والاستعدادات البشرية ـ بعلوم نظرية او تجريبية أماهيه.
ذلك ـ إضافة إلى ان كتاب الوحي يتكفل ـ كأصل في الدعوة الربانية ـ التعريف بما لا يعرفه الإنسان مهما حاول التعرف إليه ، واما الحاجيات المادية في سائر العلوم فهو ينالها قدر المساعي والجهود المبذولة لها ، والقرآن يقود المكلفين الى قواعد رصينة متينة منها كحركة أولى للدواليب العلمية في كل حقولها.
فالإبداع في الحقول المادية بشتى وسائلها وصنوفها وفي كل صفوفها ، هو موكول الى عقلية الإنسان وتجاربه وكشوفه وفروضه ونظريايه ، بما انها مهيّأة له بطبيعة تكوينه ، والقرآن يخطط له مسيره الى مصيره ماديا ومعنويا كيلا ينحرف او ينجرف.
هذا ـ وقد تعني «ويسألونك» سؤالا ـ فقط ـ عن الغاية الشرعية في الأهلة ، فينحصر الجواب فيما أجاب منحسرا عما سواه إذ لا سؤال ، وعلى أية حال فلا نقد على اختصاص الجواب بما أجاب ، لا سيما نظرا الى آيات