سائر السبيل وقد سئل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عمن يقاتل في سبيل الله فقال : هو من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ولا يقاتل رياء ولا سمعة (١).
أجل إنه فقط قتال في سبيل الله دون سائر السبل التي عرفتها البشرية في حروبها الطويلة دونما أصل إلّا قضية الأمجاد والاستعلاء في الأرض ، ولا في سبيل المغانم وسائر المكاسب السياسية أمّاهيه ، ولا في سبيل تسويد طبقة على اخرى او جنس على آخر ، انما هو (فِي سَبِيلِ اللهِ) لا سواه ، لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.
ولم يكن الدفاع الدموي مسموحا فيه في العهد المكي لظروف مضت واقتضت الحالة السلبية أمام الهجمات الكافرة ، وهنا وبعد الإذن في القتال (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ...) (٢٢ : ٣٩) يؤمر المسلمون بقتال من يقاتلهم دون اعتداء وهو قتال من لا يقاتلهم من سائر الكفار ، والإهلين من مقاتليهم ، وهكذا كان يأمر الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) «فيقول انطلقوا باسم الله وفي سبيل الله تقاتلون اعداء الله لا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا صغيرا ولا امرأة ولا تغلوا» (٢).
ومن الاعتداء ملاحقة المدبر عن المعركة ، او مقاتلة من ألقى إليكم السّلم أمّن ذا من هؤلاء الذين ليسوا في حالة القتال مهما كانوا مقاتلين قبل هنيئة وقد تكون هذه الآية اولى ما نزلت بشأن الأمر بالقتال مهما كانت آية الحج أولاها بشأن الإذن لها : فلما نزلت كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقاتل
__________________
(١) تفسير الرازي ٥ : ١٢٧ روى ابو موسى ان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سئل ...
(٢) الدر المنثور ١ : ٢٠٥ ـ أخرج ابن أبي شيبة عن انس قال كنا إذا استنفرنا نزلنا بظهر المدينة حتى يخرج إلينا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فيقول : ....