من قاتل ويكف عن قتال من تركه وبقي على هذه الحالة إلى ان انزل الله (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) (١) ومن الاعتداء مقاتلة غير المقاتل وهو القتال البدائي ، إذ كان محرما في البداية ثم سمح فيها (حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ).
(إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) في كل الحقول ، و «لا يحب» من الله هي عبارة أخرى عن «يبغض» إذ لا يصح في ساحته سلب الحب والبغض لكائن هو كوّنه ، اللهم إلّا جهلا بحاله وسبحانه عن أن يجهل ، فهو يحب من أطاعه ويبغض من عصاه ولا عوان بينهما غير محبوب له ولا مبغوض ، إذ لا يخلو إنسان عن حالة طاعة او عصيان.
وترى القتال خاصة بمن يقاتلنا؟ (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) (٣ : ٢١٧) و «الذين يسعون في الأرض فسادا» هم اخطر من المقاتلين ، أمّن ذا ممن يجوز او يجب قتالهم!.
قد يعني «وقاتلوا» هنا المرحلة الثانية في شأن القتال فانها كأمثالها من أحكام مرحلية ، فقد اذن في القتال بداية العهد المدني ، ثم أمر بها هنا دفاعيا في خصوص الذين يقاتلونكم دون اعتداء ، ثم سمح أو أمر بقتال المفتنين والساعين في الأرض فسادا شخصيا وجماهيريا ، ثم الدفاع الهجومي حفاظا على المستضعفين المظلومين المضلّلين (وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا) (٣ : ١٦٧) ـ (فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ) (٤ : ٧٦) (فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ) (٩ : ١٢).
ثم يحلّق القتال على كل الحقول الكافرة وربوعها : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) (٣ : ١٩٣) (... وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ)
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ٥ : ١٢٧ قال الربيع وابن زيد هذه الآية أول آية نزلت في القتال فلما نزلت ...