تلاوته ، ولا أنفق منه إذا حرف عن مواضعه ، ولا في البلاد شيء أنكر من المعروف ولا أعرف من المنكر ـ
فقد نبذ الكتاب حملته ، وتناساه حفظته ، فالكتاب يومئذ وأهله طريدان منفيان ، وصاحبان مصطحبان في طريق واحد لا يؤويهما مؤو ـ
فالكتاب وأهله في ذلك الزمان في الناس وليسا فيهم ، ومعهم وليسا معهم ، لأن الضلالة لا توافق الهدى وإن اجتمعا ـ
فاجتمع القوم على الفرقة ، وافترقوا عن الجماعة ، كأنهم أئمة الكتاب وليس الكتاب إمامهم ، فلم يبق عندهم منه إلا اسمه ، ولا يعرفون إلا خطه وزبره ، ومن قبل ما مثلوا بالصالحين كل مثلة ، وسموا صدقهم على الله فرية ، وجعلوا في الحسنة عقوبة السيئة ، وإنما هلك من كان قبلكم بطول آمالهم ، وتغيب آجالهم ، حتى نزل بهم الموعود الذي ترد عنه المعذرة ، وترفع عنه التوبة ، وتحل معه القارعة والنقمة» (الخطبة ١٤٧).
ذلك والقرآن هو الخليفة الوحيدة للرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) أم هو الكبرى اعتبارا بالسنة وهي لا تعرف إلا بموافقته ، فقد «قبضه (صلى الله عليه وآله وسلم) إليه كريما ، وخلف فيكم ما خلفت الأنبياء في أممها ، إذ لم يتركوهم هملا ، بغير طريق واضح ، ولا علم قائم ـ كتاب ربكم ، مبينا حلاله وحرامه ، وفرائضه وفضائله ، وناسخه ومنسوخه ، ورخصه وعزائمه ، وخاصه وعامه ، وعبره وأمثاله ، ومرسله ومحدوده ، ومحكمه ومتشابهه ، مفسرا جمله ، ومبينا غوامضه ، بين مأخوذ ميثاق علمه ، وموسع على العباد في جهله ، وبين مثبت في الكتاب فرضه ، ومعلوم في السنة نسخه ـ وهو نسخ العموم أو الإطلاق ـ وواجب في السنة أخذه ، ومرخص في الكتاب تركه ـ وهو بين منسوخ بأصله أم في عمومه وإطلاقه ـ وبين واجب بوقته ، وزائل في مستقبله ، ومباين بين