أحدكم وجه دينه» (١).
فكما أن الوجه يعرف به جملة الإنسان كذلك الصلاة يعرف بها جملة الدين المستفادة من الكتاب ، لأنها أظهر العبادات وأشهر المفروضات.
فورثة الكتاب ، الدارسون ما فيه ، الممسّكون به كأصل أصيل بين كل الفروع والأصول ، إنهم هم المصلحون ، وكلما كان الكتاب الرباني أعلى محتدا ، كان التمسيك به أغلى ، وتركه أنحى وأنكى ، فإذا كان (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً) (٦٢ : ٥) فما ذا يكون ـ إذا ـ مثل الذين حمّلوا القرآن ثم لم يحملوه ، أليس أشد وأمثل من مثل الحمار الحامل للأسفار؟!.
وهنا «يمسّكون» تفعيلا دون «يمسكون» فعلا ، يدلنا على أن واجب ورثة الكتاب أن يمسكوا أنفسهم وسائر الأمة ـ في حقل الإيمان بمواده الصادقة الأصيلة الصافية ـ يمسكون كل ذلك بالكتاب في كل حقول المعرفة والعقيدة دون إبقاء ، تمسيكا مسيكا بوفرة وكثرة وتلاحق ، دون ترك له أو إهمال إياه ولا لفترة قصيرة.
أجل ، وبالكتاب يمسّك أهلوه في الحق من كل زلة وضلّة ، ومن أية تخلّفة وعلة واختلاف ، إلى كل تألّف وصحة وائتلاف.
وهنا يندد الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) بالذين اختلفوا عن القرآن وفي القرآن ، وتركوه وراءهم ظهريا ، ممسكين بكل ممسك إلّا الكتاب ، إلّا إذا فسر كما يهوون قائلا : «وإنه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شيء أخفى من الحق ، ولا أظهر من الباطل ، ولا أكثر من الكذب على الله ورسوله ـ وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق
__________________
(١) المجازات النبوية للسيد الشريف الرضي (١٣٢).