حال (١) ف :
(إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ)(٢٠٦).
وهنا «عند ربك» تعني عندية الزلفى كما تناسب ربوبيته العليا لمكان «ربك» فهؤلاء السابقون المقربون هم «عند ربك» مكانة لا مكانا أو زمانا ، فلا مكانة لهم إلّا «عند ربك» ولا قال لهم ولا حال ولا أعمال إلّا «عند ربك» فهم ليسوا حضورا عند شيء أو عند أحد أم وعند أنفسهم إلا «عند ربك» فقد تخلّوا عما سوى «ربك» فتحلّوا ب «عند ربك» فهم (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ) بذكره في أنفسهم تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال «وليسوا هم من الغافلين».
«ويسبحونه» دائبين «وله» لا لسواه «يسجدون» منقطعين إليه في غاية التذلل بكل كيانهم.
وهذه هي من آيات السجدة التي لا تحصر فيما حصروه في أربع ، بل هي بضع عشرة آية فإحدى عشرة سجدة (٢) ولا سيما التي تأمر بالسجدة ، وعل الأربع هي مهامها ثم تمامها.
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ١٥٧ ـ أخرج البزار والطبراني عن ابن مسعود عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) قال : ذاكر الله في الغافلين كالمقاتل عن الفارين ، وفيه عن ابن عمرو أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) قال : الغفلة في ثلاث عن ذكر الله ومن حين يصلّى الصبح إلى طلوع الشمس وان يغفل الرجل عن نفسه في الدين حتى يركبه.
(٢) المصدر أخرج ابن ماجة والبيهقي في سننه عن أبي الدرداء قال : سجدت مع النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) إحدى عشرة سجدة ليس فيها من المفصل شيء : الأعراف والنحل وبني إسرائيل ومريم والحج سجدة والفرقان وسليمان سورة النمل والسجدة وص وسجدة الحواميم.