فإنها خارجة عن المساعي مغنما سواه ، وموضوع الفيء هو الفيء ، فلا تناسخ ـ إذا ـ بين هذه الثلاثة ، وإنما لكلّ موضوعه الخاص وحكمه دون تدخل لبعض في بعض أو تداخل.
إذا ف «الأنفال» ـ باستثناء الفيء ـ هي كلها لله والرسول ، تصرف في صالح الدعوة التوحيدية والرسولية والرسالية ، فهي بيد الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) يصرفها في صالح الرسالة الإسلامية كما يراه صالحا ، ثم خلفاءه المعصومون (عليهم السلام) كلّ تلو الآخر ، ومن ثم الشورى من الرعيل الأعلى في العلماء الربانيين ، فالمصرف هو المصرف مهما كان الصارف في مثلث مترتب تلو بعض.
ومهما نزلت سورة الأنفال في جو بدر الكبرى وغزوته بملابساتها الخاصة ، ولكنها ليست ـ على أية حال ـ بأنفال بدر فقط ، قضية جمعها المحلى باللّام حيث يفيد الاستغراق.
ذلك (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) وذلك هتاف عطاف لهذه القلوب المتنازعة المتفللة غير المتنفلة حول الأنفال ، من هؤلاء الأغفال الذين كانوا يتهافتون على الأنفال.
ومن حصائل تقوى الله وإصلاح ذات البين طاعة الله ورسوله : (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) بالله ورسوله ، ومتقين حرمات الله ورسوله.
وإصلاح ذات البين هو من هامة الفرائض الإيمانية ، محاولة جماهيرية من كافة الأطراف المعنية لإصلاح الفاسد فيما بينهم حيث بزغ الشيطان ونزغ بينكم ، ف (قُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ) (١٧ : ٥٣). (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ) (٤ :) ١٢٨).
والله هو المصلح بيننا بما نسعى ونصلح في الآخرة (١) والأولى.
__________________
(١) في الدر المنثور ٣ : ١٦٢ عن أنس قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): إذا ـ