ولكنه (لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) وقد تعني (ذاتَ بَيْنِكُمْ) إلى مختلف الأطراف المتنازعة ، ذوات الأنفس ، حيث الاختلاف بين العقل والنفس ، بل وإصلاح النفس هو قبل إصلاح ذات البين لآخرين.
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)(٢).
هنا مثلث وجل القلوب ، وزيادة الإيمان ، والتوكل على الرب ، هي المحاصيل الأصيلة لصالح الإيمان.
١ ف (إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) حيث يدخل ذكر الله من مسامعهم إلى عقولهم ومنها إلى قلوبهم فهي وجلة من عظم الموقف من ربهم حيث يجدونه حاضرا في قلوبهم ، فيغيب عنها كل ما سوى الله حيث احتل مجالاتها ذكر الله.
وترى كيف (وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ)؟ والإذاعة القرآنية تعلن (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)!
هنا (تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ) إلى الله ، وهناك (وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) عما سوى الله ، حيث تجلت بذكر الله ، وجل من أن تحل في قلوبهم ذكر غير الله مع الله ، ووجل من عظمة الله ، ثم تجلّ كامل فيها لذكر الله ، فاطمئنان ـ إذا ـ بذكر الله ، كما (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ) (٣٩ : ٢٣).
فالوجل والقشعريرة هما حالتان سلبيتان للقلوب تخلية لها عما سوى الله ، ثم الاطمئنان لها بذكر الله حالة إيجابية تمثيلا للكلمة (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) مهما كان للوجل حالة أخرى إيجابية تجتمع مع الاطمئنان وهي الشعور بعظم الموقف الرهيب أمام الله.
فليس الله ليوجل ويخاف إلا من عدله ومن عظم محتده ، وذلك
__________________
ـ كان يوم القيامة نادى مناد يا أهل التوحيد إن الله قد عفا عنكم فليعف بعضكم عن بعض وعليّ الثواب.