الوجل الثاني هو الوسيط بين الأول وبين اطمئنان القلوب بذكر الله ، وهو يعيش ذلك الاطمئنان ومن حصائل ذلك الوجل الجلل والطمأنة :
٢ (وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً) حيث تجلو القلوب بتلاوة آيات الله إذ تحل فيها وتحتل القمة منها ف (زادَتْهُمْ إِيماناً) على إيمانهم ، ف (الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) (٤٧ : ١٧) بتلاوة آياته سمعا وعقلا وعلما وطاعة بكاملها.
هنا «تليت» وليست «قرأت» مما يلمح بأن ذلك من خواص التلاوة المتبعة ، كما وان مهمة الرسالة الإسلامية هي (وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ) دون «أقرء» حيث التلاوة هي المتابعة.
وقد تعني (وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً) (٤ : ٦٣) هذه التلاوة الصالحة المصلحة التي يتلوها (زادَتْهُمْ إِيماناً).
فقد يحصل حاصل الإيمان الزائد بفاعلية «تليت» وقابلية القلب المتلوّ عليه ، فأما إذا فقد القابلية بسوء الاستقبال أم عدم تصميمه في صميمه فلا محصل للقلب قطعا ، وفي القابلية ـ وحتى مع نقص الفاعلية ـ له محصل مهما اختلفت الدرجات ، فوا ويلاه إذا ضعف الطالب والمطلوب ، نقصانا في الفاعلية والقابلية.
و «آياته» جمعا مضافا تستغرق إلى الآيات التدوينية ، الأخرى التكوينية ، فحين تتلى تبينا عليه هذه الآيات زادته إيمانا كما زادته آياته التشريعية إيمانا.
وهذه التلاوة المباركة لطليق آياته تسمعه ما يحرضه على زائد الإيمان سمعا ثم عقلا وتدبرا ثم علما ثم عقيدة ثم تطبيقا شخصيا ثم نشرا وبلاغا.
٣ ومن ثم (وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) في الحصول على مزيد الإيمان وصالح أعمال الإيمان ، دونما اتكالية خاوية عن مساعي ، أم توكل دون معداته.
ولقد ذكر الإمام أمير المؤمنين لأهل الذكر ذكرا جميلا ما أجمله ، قاله عند تلاوته (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) : إن الله