ذلك ، وقد دعاهم رسول الله ـ مبتدرا بينهم ـ إلى بدر لمواجهة النفير دون العير فقال : هلموا إلى بدر فإن هناك الملتقى والمحشر ، وهناك البلاء الأكبر ، لأضع قدمي على مواضع مصارعهم ، ثم ستجدونها لا تزيد ولا تنقص ولا تتغير ولا تتقدم ولا تتأخر لحظة ولا قليلا ولا كثيرا فلم يخف ذلك على أحد منهم ولم يجبه إلا علي بن أبي طالب (عليه السلام) وحده وقال : نعم ـ بسم الله فقال الباقون : نحن نحتاج إلى مركوب وآلات ونفقات ولا يمكننا الخروج إلى هناك وهو مسيرة أيام فخطا القوم خطوة ثم الثانية فإذا هم عند بئر بدر فعجبوا فجاء رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) فقال : اجعلوا البئر العلامة واذرعوا من عندها كذا ذراعا فذرعوا فلما انتهوا إلى آخرها قال : هذا مصرع أبي جهل يجرحه فلان الأنصاري ويجهز عليه عبد الله بن مسعود ضعف أصحابي ، ثم قال : اذرعوا من البئر من جانب آخر ثم جانب آخر ثم جانب آخر كذا وكذا ذراعا وذراعا ـ وذكر أعداد الأذرع مختلفة ـ فلما انتهى كل عدد إلى آخره قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) هذا مصرع عتبة ، وذلك مصرع الوليد ، وهذا مصرع شيبة ، وسيقتل فلان وفلان ، إلى أن سمى تمام سبعين منهم بأسمائهم ، وسيؤسر فلان وفلان ، إلى أن ذكر سبعين منهم بأسمائهم وأسماء آباءهم وصفاتهم ، ونسب المنسوبين إلى الآباء منهم ، ونسب الموالي منهم إلى مواليهم ، ثم قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أوقفتم على ما أخبرتكم به ، قالوا : بلى ، قال : «إن ذلك لحق كائن بعد ثمانية وعشرين يوما من اليوم التاسع والعشرين وعدا من الله مفعولا وقضاء حتما لازما» (١).
__________________
(١) بحار الأنوار ١٩ : ٢٦٥ م ج بالإسناد إلى أبي محمد العسكري (عليه السلام) قال : أرسل أبو جهل بعد الهجرة رسالة إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) وهي أن قال : يا محمد إن الخيوط التي في رأسك هي التي ضيقت عليك مكة ورمت بك إلى يثرب وانها لا تزال بك حتى تنفرك ، وتحثك على ما يفسدك ويتلفك إلى أن تفسدها على أهلها وتصليهم حر نار وتعدّيت طورك ، وما أرى ذلك إلا وسيؤل إلى أن تثور عليك قريش ثورة رجل واحد لقصد آثارك ودفع ضررك وبلائك فتلقاهم بسفهائك المغترين بك ويساعدك ـ