«اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض ، فما زال يهتف به مادا يديه حتى سقط رداءه من منكبه فنزل» إذ تستغيثون.
ومن قبل هو الذي أراهم قبل الخروج والمواجهة مصارع القوم بما أراه الله حتى رأوها بأم أعينهم ، ثم هو الذي كان يثبتهم ويرشدهم ويخطط لهم خطوة خطوة حتى النهاية : ولما أصبح رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) يوم بدر عبأ أصحابه فكان في عسكره فرسان فرس للزبير بن العوام وفرس للمقداد بن الأسود وكان في عسكره سبعون جملا يتعاقبون عليها ، وكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) وعلي بن أبي طالب ومرثد بن أبي مرثد يتعاقبون على جمل لمرثد فنظر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) إلى عبيدة بن الحارث ـ وكان له يومئذ سبعون سنة ـ فقال : قم يا عبيدة ، ونظر إلى حمزة فقال : قم يا حمزة ثم نظر إلى علي (عليه السلام) فقال : قم يا علي وكان أصغر القوم ـ فاطلبوا بحقكم الذي جعله الله لكم فقد جاءت قريش بخيلائها وفخرها تريد أن تطفئ نور الله ، وقال لحمزة عليك بشيبة وقال لعلي (عليه السلام) عليك بالوليد.
وهكذا نجده من خلال هذه الحرب يقودهم روحيا وحربيا خطوة خطوة دون أن تغيب عنه حركته ، إذ كانت كافة الحركات والتكتيكات بقيادته الشخصية ، ومن ناحية أخرى لما يرى العدو فاعلية القوات المسلحة ـ القوية الصارمة ـ بتلك القيادة الحكيمة ، فهم يحسبون ألف حساب لقائد القوات ليسوا ليحسبوها لو أنه هو الداخل بنفسه في القتال ،
لذلك فأصل الرمي في هذه الحرب كان من أصل القيادة الرسولية ، ثم الله ينفيه عنه ـ أيضا ـ ناسبا له إلى نفسه ـ كما القتل العام ـ ، إذ هو الذي أيدهم بنصره ما لولاه لكانوا خطف ساعة!
إذا فسلب القتل عنهم : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ) سلب واقع لا مرد له إذ لم يكونوا يقتلون ـ بل يقتلون ـ لو لا الشروطات الإيجابية