والسلبية الربانية لتلك القتلة الخارقة للعادة ، فهم في أنفسهم صفر الأيدي عن تلك القتلة الغالبة المنقطعة النظير ، فقد قتلهم بما طمأن الله قلوب المؤمنين ، وأنزل عليهم من السماء ماء فوطّد رملتهم أولاء وأوحل طينتهم هؤلاء ففشلوا في مواطئهم ، وأنزل ألفا من الملائكة مردفين (يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ) ففشلوا ووهنوا في ذوات أنفسهم ، ثم وألقى الرعب في قلوبهم ، إذا فمن هو الذي قتلهم إلّا الله ، مهما ظهرت مظاهر المقاتل؟
ثم إثبات الرمي له (صلّى الله عليه وآله وسلم) بعد سلبه لامح إلى ميّزة خاصة ودور متميّز للرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) قائدا للقوات المسلحة ، حيث رمى ما رماه في قيادته الحربية بكل بسالة وشطارة ، إضافة إلى الأهداف الواصلة هي إليها التي كانت هي الأخرى من النصرة الربانية في ذلك المسرح ، مصرحا لمدى الفاعلية والقابلية لقائد القوات المسلحة الرسولي.
فلأن القائد هنا له دوران اثنان فقد يصدق أنه «رمى» حال انه ما رمى (وَلكِنَّ اللهَ رَمى) ولم يكن للمؤمنين إلّا دور واحد أنهم كانوا مقودين صالحين بتلك القيادة ، فقد يصدق أنهم ما قتلوهم ولكن الله قتلهم.
وترى أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) ـ فقط ـ رمى (إِذْ رَمَيْتَ) ولم يقتل؟ المهم لدوره كقائد القوات هو الرمي ، لأنه يعني ـ بما عنت ـ رمي الحصباء إلى وجوه
الكفار قائلا : شاهت الوجود ، فارتموا وارتبكوا حتى لم يكونوا ليروا واقع عديد المؤمنين القلة ، ولم يروا إلّا قلتهم أنفسهم فهزيمتهم ، فلذلك فقدوا عزيمتهم وتناسوا عظيمتهم ، وكل ذلك من الله ، فان مجرد رمي التراب لا يخلف تلك الهزيمة العظيمة ، ومهما كانت صورة الرمية منك فسيرتها ومصيرتها هما من الله.
فكما في المسيح (عليه السلام) : (إِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي) إذ يسلب عنه واقع الإحياء إلى ظاهرة من فعله المأذون ، حيث أذن الله في