التربية المحمدية (صلّى الله عليه وآله وسلم) كأعلى نموذج تربوي بين ملاء العالمين! وليكون نبراسا ينير الدرب على السالكين إلى الله على ضوء التربية المحمدية عليه أفضل صلاة وتحية. فهذا الرسول الألمعي الابطحي هو المحور الأصيل في الحقل التربوي الربوبي ، وفي ظلاله العالمون على درجاتهم قبولا أم دركاتهم ردا ، ف «ربك» لمحة إلى ذلك وان (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) هي ظرف ظريف طريف لكل تربية ربوبية أسماها وأسناها ما اختص به الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) دون معاناة أحد أو مساماته معه ، مهما اختلفت المحاولات التربوية للناس وما يختارها الله للمختارين من عباده الصالحين.
ذلك «وإذ» هنا متعلقة ب «اذكر» وما أشبه ، فليذكر محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) ذلك الميثاق (مِنْ بَنِي آدَمَ) برمتهم ، فليس يعني «إذ» إذا زمنا خاصا مضى ، بل هو كل زمن خلقة بني آدم عن بكرتهم ، وقد عبر عنها ب «إذ» كزمن واحد ، لوحدة ذلك الأخذ الفطري دونما تخلّف لأيّ منهم فيه.
ولمكان «ربك» خطابا للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) نتلمح أن تفهّم معنى الآية بحاجة إلى نبوة في التفكير ، فلنقف وراء ساحة النبوة القدسية بنبوة قدسية حتى نعرف القصد من ذلك الأخذ ، وليس باب تفهم أمثال هذه الآية مسدودة على غير من خوطب بها ، إلا على من سدّ على نفسه منافذ المعرفة ، أمن لم يبلغ بالغ الاستعداد لتفهمها.
وليس هنا قصور دلالي ، إنما هو قصور المستدل ، غير البالغ مبلغ العلم القرآني ، فعلى أهل القرآن ، العائشين إياه معرفيا ، أن يتدبروا آياته الغامضة ، فإنها وامضة مشرقة لمن استشرق منها.
ولقد نجد الآيات التي تحمل لفظة «ربك» كلها دقيقة المعنى ، رقيقة المغزى ، لخاصة الخطاب الموجه إلى أعرف العارفين (١) ولأن
__________________
(١) مثل قوله تعالى : «وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً» (٢ : ٣٠) ـ