ثم ترى «بني آدم» هم ولده الأولون دون مفاصلة ، وذريتهم هم ولدهم إلى يوم القيامة ، فهم ـ فقط ـ أشهدوا على أنفسهم في هذه المسائلة دون آبائهم؟ ولم يأت «بني آدم» في آياتها الست الأخرى لهم (١) ، إلّا للناس أجمعين من ذرية آدم! ولم يكن بنوه الأوّلون مشركين ولا واحد منهم ـ مهما قتل قابيل هابيل ـ حتى تصح الحجة لو لا الإشهاد والمسائلة (إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ)!.
أم إن «بني آدم» هنا بعضهم الأعم منهم بمن فيهم من مشركين؟ والتبعيض بحاجة إلى قرينة هي هنا منفية! و (أَنْ تَقُولُوا) هي خطاب التنديد بعامة المشركين ، فيشمل الآباء كما الأبناء طول التاريخ الإنساني منذ البداية حتى النهاية ، دون خصوص الأبناء! ولا خصوص الآباء ، بأولاد ليسوا بآباء لآخرين ، فإنها حجة ـ لو صحت ـ لعامة المشركين.
ثم ومن الآباء موحدون وأبناء منهم مشركون ، كما منهم مشركون وأبناء منهم موحدون ، أم مشرك من مشرك أو موحد من موحد! وما من أبناء إلّا وهم آباء لآخرين إلّا قليلين هم في عقم عن إيلاد ، وليس يختص الشرك بأولاد ليسوا بآباء لآخرين ، فإنّها حجة ـ لو صحت ـ لعامة المشركين.
إذا ف «بني آدم» هم كلهم منذ أوّل من ولّده آدم حتى آخر من يولد من ذريته إلى يوم القيامة دونما استثناء.
ثم من هم «ذريتهم» المأخوذون (مِنْ ظُهُورِهِمْ)؟ أهم ولدهم بعد؟! وقد شملتهم «بني آدم»! استغراقا لذرية آدم على طول الخط! أم هم آباءهم؟ فكذلك الأمر إضافة إلى أن الآباء ليسوا بذرية! ، وإلى سائر
__________________
ـ القضاء فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): «إن الله أخذ ذرية آدم من ظهورهم ثم اشهدهم على أنفسهم ثم أفاض بهم في كيفية فقال هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار فأهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار» أقول صدر الحديث فقط يوافق الآية.
(١) وهذه الست الأخرى هي : ٧ : ١٩ ـ ٢٦ ـ ٢٧ ـ ٣١ ـ ٣٥ و ١٧ : ٧٠ و ٣٦ : ٦٠.