على إيمان ، وإمحاء لصدود قد تمنع عن الإيمان ، وهل إذا يغفر للكافر ما قد سلف فبأحرى المؤمن الفاسق إذ لا يحرم المؤمن عما يمنح الكافر ترغيبا إلى إيمان ، ولكن كفارات المؤمنين مقررة مفصلة ، ولا يقاس المؤمن بالكافر ، فالواجبات التي تركها حال إيمانه عليه أن يأتي بها ، ثم المحرمات أن يستغفر عنها ، والتعديات المالية والعرضية والنفسية أن يجبرها ، حيث التوبة لها حدود محددة في الكتاب والسنة.
وترى (ما قَدْ سَلَفَ) تشمل إلى حقوق الله حقوق الناس؟ والغفر عن حقوق الناس ظلم بحق الناس (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)!
هذا الغفر ليس إلّا قضية الرحمة الواسعة الربانية ، فقضيته ألا يشكّل زحمة للناس ، فقد يختص بما هو حق الله تعالى فحسب ، أم ويشمل حقوقا للناس لا سبيل للمنتهي عن كفره إلى إحقاقه ، إذا فالله هو الذي يغفر له إرضاء لصاحب الحق يوم الحساب (١).
فالأصل القرآني في حقل الانتهاء عن الكفر هو الغفر دون شرط ، اللهم إلا ما فيه ظلم بالناس و (أَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ).
إذا ف (يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) مخصصة بما يكون غفره ظلما بحقوق الناس ، وليست غاية ترغيب الكفار إلى الإيمان مما يبرر الوسيلة الظالمة ، اللهم إلا أن يحمّل المؤمنون الغفر عما لحقهم من الكفار حالة كفرهم من ظلم ، فلصالح الإيمان ترغيبا إليه يتحمل المؤمنون غفرهم؟ وهو محدّد بما يدل عليه بصورة قاطعة وبينة ، فإلى مظان هذه الأدلة ومقاطعها : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ) (٤٧ : ٢) وعلّ
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ١٥٤ في تفسير العياشي عن علي بن دراج الأسدي قال : دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فقلت له : إني كنت عاملا لبني أمية فأصبت مالا كثيرا فظننت أن ذلك لا يحل لي ، قال (عليه السلام) : فسألت عن ذلك غيري؟ قال : قلت قد سئلت فقيل لي : إن أهلك ومالك وكل شيء لك حرام ، قال : ليس كما قالوا لك ، قلت : جعلت فداك فلي توبة؟ قال : نعم توبتك في كتاب الله (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا).