النزول ليس ليخصص الآية بنفسه ، والغنيمة لغويا لا تختص بها من دار الحرب ، فهل (فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ) (٤ : ٩٤) تختص أيضا بحقل القتال ، ولا تعني (إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها) (٤٨ : ١٥) (وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها)(١) و «تأخذونها» (١٩ و ٢٠) مما تختص المغانم بخصوص المحاصيل ، صناعة وزراعة وتجارة وهبة أو هدية أماهيه ، إلّا أن يدل قاطع الدليل على استثناء يتّبع.
وترى «ما غنمتم» تختص بما بقي من الفوائد بعد استثناء مصارف الحصول عليها ومؤنة السنة؟
استثناء المصارف الأولى هو طبيعة الحال من «ما غنمتم» حيث الغنيمة هي الفائدة الخالصة ، وهنا نصدق المروي أن الخمس بعد المؤنة.
ثم في استثناء المصارف الأخرى نظر فانها كالباقية مشمولة ل «ما غنمتم» والرواية القائلة : «إن الخمس بعد المؤنة» لا تعني إلا مؤنة الحصول على الفائدة كما في الموارد الستة الأخرى التي يجب فيها الخمس ، ولا نص على استثناء مؤنة السنة ، ولو كان لم يكن يصلح لتقييد «ما غنمتم» بجزء ضئيل قليل منه ، فحين تحصل على مائة ألف فائدة خالصة فتصرف تسعين ألفا منها في مؤنتك ثم تخمس الباقي فيطلع ألفين ، فكيف يناسب الألفان أن يعنى ب «ما غنمتم» وقد غنمت خمسين ضعفا منه؟
إذا فالأقوى أن الخمس كما الزكاة يتعلق بأصل الفائدة مع رعاية المؤنة المتعودة حتى لا يصبح بتخميس ماله فقيرا يحتاج إلى الخمس حيث (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) ومنه الزيادة ، وهي هنا الزيادة عن
__________________
(١) ولكن «وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ» (٤٨ : ٢٠٠) هي نفس المغانم التي عند الله في «فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ» (٤ : ٩٤) إلا أن شمول «مغانم كثيرة» ل «مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها» لا تجعل المغانم الثانية نفس الأولى.