ومن الفارق بين مصاريف الخمس والزكاة ، أن نصف الخمس راجع إلى الثلاثة الأولى ، والنصف الآخر إلى الثلاثة الأخرى ، اثنان منها من ثمانية الزكاة ، فالزكاة إذا هي الأصل الأصيل في الضرائب المستقيمة وقد أمر بأخذها وتقسيمها إلى ثمانيتها.
ذلك ، والآية من ناحية الدلالة ، «ما غنمتم» فيها ، الحق أنها تشمل كل الفوائد والعوائد من مال أو حق ، وإنما جاءت هنا «غنمتم» الظاهرة في غنائم الحرب مهما شملت غيرها من الغنائم ، لأنها نزلت في حقل الحرب ، فبهذه المناسبة ناسبت «غنمتم».
ثم «فأن لله» ليست اللام فيها لام الملكية العرضية فإن الله مالك ذاتيا ، وإنما خوّلنا أموالا دون إخراج عن ملكه ، فإنما تعني هنا اختصاصا بصرفه في شؤون الألوهية ، كما «للرسول» في شؤون الرسالة (وَذِي الْقُرْبى) في شؤون الخلافة المعصومة ، إن عنت ذا قربى الرسول ، وإلّا فقد يكفي نصيب الرسالة للخلافة ، ثم (الْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) تعم السادة وغيرهم ، وحذف اللّام عنهم لعدم وجود الإختصاص ، حيث قد يصرف مالهم في سائر سبل الله.
ثم هذه الأقسام ليست على حد سواء بل لكلّ قدر الحاجة.
وقد تلمح «ذي القربي» مفردة دون «ذوي القربى» ـ وأنها وجاه جموع ثلاثة ـ أنهم ذي قربى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) كما (آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) (١٧ : ٢٦) و ٣٠ : ٣٨) و (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٤٢ : ٢٣) كما و (بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ) ٤ / ٣٦ ، ومما يدل على اختصاص «ذي القربى» بذي قربى الرسول آية الفيء : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) فإن «على رسوله» يخصص «ذي القربى» بذي قرباه ، ثم المعطي هنا هو الرسول فكيف يعنى من ذي القربى غير ذي قرباه ، ثم الآية التالية لها تفسّر الثلاثة الآخرين أنهم من عموم المسلمين (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ