ولقد كانت جهازات المسلمين يوم بدر فرسان وسبعة سيوف وسبعة آبال ، وكان (صلّى الله عليه وآله وسلم) يدعو يوم بدر : اللهم إنهم حفاة فاحملهم اللهم إنهم عراة فاكسهم اللهم إنهم جياع فأشبعهم.
وقد يلمح اختلاف التعبير هنا في آية الخمس ب «واعلموا» وهناك في آيات الزكاة ب «آتوا» ثم (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ) أن ليس الخمس على حد الزكوة في مدى الفرض القاطع.
ذلك ، ولأن الغنيمة قبل تقسيمها غير مملوكة لأحد فإنها مشاعة بين المقاتلين ، فإذا قسمت ملكت.
وقد تلمح «واعلموا» إعلاما لكسر الزكوة ، والزكوة تشمل كل ما يزكى الدافع والمدفوع إليه : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٩ : ١٠٣) فالزكوة تزكي الدافع عن نفسية البخل والحرص ، وتزكى المجتمع عن تضاد الطبقات ، وتزكى الدولة عن التضيق الاقتصادي ، وتزكي سائر المستحقين عن دنس الفقر والاستجداء ، أو ليس ذلك من فاعلية الخمس ، بلى بل هو أزكى لأنه أكثر مالا وأوسع مالا.
فكل إنفاق وإيتاء وإحسان وزكاة له فاعلية التزكية ، وليس الخمس إلّا ضريبة نهائية من ضرائب الزكوة.
وأما التعبير عن كل المنافع بالغنائم فلأنها تحصل نافعة للإنسان ، ونفس إضافة الغنائم إلى دار الحرب تدل على أنها أعم منها ، ولعل ذكر الغنيمة لكل تشمل غنائم دار الحرب ، فلو قال : أفدتم ، لخّيل إلينا أنها الفوائد المتعددة فتفلت غنائم دار الحرب عن الدور ، ذلك والأحوط الجمع بين سائر أنصبة الزكاة والخمس.
أو يقال : أن «ما غنمتم» تختص بما أفدته دون مشقة متعددة كالكنز والمعدن والغوص والحرام المختلط بالحلال وغنائم دار الحرب ، ثم تلحق بها أرباح التجارات بكل أشكالها.