(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ)(٦٠).
«وأعدوا» خطاب هام عام موجّه إلى المؤمنين في الطول التاريخي والعرض الجغرافي على مدار الزمن الرسالي الإسلامي ، كما و «لهم» تعني (شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ) وهم الكفرة الناقضون لعهودهم ـ إن كانت لهم عهود ـ الذين تخافن منهم خيانة على الهيكل الإسلامي السامي.
وقد تعني «لهم» ـ دون عليهم ـ أصل المواجهة ، أن اعدوا لمواجهتهم ، بما أن في هذه القوات الحربية صالحهم حيث تصدهم عن مهاجمة المؤمنين فلا يقتلون ولا يستحقون عظيم النكال أم هم يؤمنون.
ثم (وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ) خطرا وخيانة ، أو معرفة بهم فيهما (لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ) فالأصل هو الحصول على القوة الرهيبة الإرهابية العادلة في كافة الميادين الحيوية ، ثقافية وعقيدية واقتصادية وسياسية وحربية أماهيه من قوات يحاول أعداءنا أن يسبقونا فيها سنادا لسيادتهم وسيطرتهم علينا.
ف «من قوة» تحلق على كافة القوات ، مهما أشارت (رِباطِ الْخَيْلِ) وفسرت الروايات (١) تلك القوة بقوات الحرب ولا سيما السابقة ، حيث
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ١٩٢ عن عقبة بن عامر الجهني قال سمعت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) يقول وهو على المنبر (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) ألا إن القوة الرمي ، قالها ثلاثا عنه قال : سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) يقول : أن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة : صانعه الذي يحتسب في صنعته الخير والذي يجهز به في سبيل الله والذي يرمي به في سبيل الله ، وقال : ارموا واركبوا وأن ترموا خير من أن تركبوا ، وقال : كل شيء يلهو به ابن آدم فهو باطل إلا ثلاثة : رميه عن قوسه وتأديبه فرسه وملاعبته أهله فإنهن من الحق ومن علم الرمي ثم تركه فهي نعمة كفرها.
وفيه أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) مر على ناس ينتضلون فقال : حسن اللهم مرتين أو ثلاثا ارموا وأنا مع ابن الأدرع فأمسك القوم قال : ارموا وأنا معكم جميعا فلقد رموا عامة يومهم ذلك ثم تفرقوا على السواء ما يضل بعضهم بعضا.