السامية ألا تسمح للمؤمنين نقضا عمليا لعهد الناقض عهدهم ، إلّا بإلقاء الإلغاء ، دونما حيلة وغيلة ومباغتة ، اللهم إلا حيلة بحيلة وغيلة بغيلة.
وهنا نسمع عليا أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول في حديث له طويل : فقدمت البصرة وقد اتسقت إليّ الوجوه كلها إلا الشام فأحببت أن أتخذ الحجة وأقضي العذر وأخذت بقول الله : (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) فبعثت جرير بن عبد الله إلى معاوية معذرا إليه ، متخذا للحجة عليه ، فرد كتابي ، وجحد حقي في دفع بيعتي (١).
(وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ)(٥٩).
ليس الكفر ليسبق الإيمان ولا الكافرون ليسبقوا المؤمنين في ميادين السباق الحيوية ، اللهم إلا بظاهر من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ، و (إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ) الله ولا رسل الله ولا المؤمنين بالله ، فليس الباطل أيا كان ليعجز الحق مهما كان له جولة ، فإن للحق دولة : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ) (٢٩ : ٤) فمهما نجوا من القتل في حرب وسواها متخلفين عن شرعة الله ، فليس سبقا لهم ف (لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (٣ : ١٧٨) فهل تراهم ـ إذا ـ سابقين في ذلك الميدان الميدان؟
(وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (٧ : ١٨٣)! فقد خسروا السباق بكل الرفاق ، والله هو السابق وعباده الصالحون.
فلا هم سابقون مشيئة الله في التكوين مهما تخلفوا عنها في التشريع إذ لن يضروا الله شيئا ، ولا هم سابقوه في أي سباق آخر إعجازا له وإحجازا إياه عما يشاء.
٣ إنه يجب على المؤمنين إعداد المستطاع من كافة القوات والإمكانيات أمام أعدائهم:
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ١٦٤ في كشف المحجة لابن طاووس عنه (عليه السلام).