ذلك ، ومن أدنى الخير في قلوبهم ألّا يحاربوا المسلمين بعد ، فهم ضيوفهم في بيوتهم على كفرهم ، فقد أوتوا خيرا مما أخذ منهم فلا يبتلون بعد بمزيد الكفر والإثم بمحاربتهم.
فهم بعد أسرهم آمنوا أم لم يؤمنوا قد أوتوا خيرا مما أخذ منهم من أموال وحريات ، وهذه طمأنة لهؤلاء الأسرى تخفيفا لهم عن عبء الأسر والعسر إلى راحة ويسر مهما ظلوا كافرين.
وهنا (إِنْ يَعْلَمِ اللهُ) تعني أن كان في قلوبكم خير ، فإن علم الله والواقع هما سيان لا يتخلف أحدهما عن الآخر ، فإنه بكل شيء عليم ، لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، بل هو أوسع من الواقع في كل حال حيث كان يعلم قبل حصوله كما يعلمه بعد زواله.
فهذه لمسة لقلوب الأسرى المنكسرة تحيي فيها الرجاء ، وتطلق فيها الأمل ، وتشيع فيها النور تعليقا بمستقبل هو خير مما مضى ، انفتاحا لنور الإيمان بعد نير الإثخان ، رحمة إسلامية سامية منقطعة النظير في تاريخ الإحسان بالإنسان في حالة الحصر والأسر.
__________________
ـ وسلم) : إن يكن ما تذكره حقا فالله يجزيك فأما ظاهر أمرك فقد كان علينا ، قال العباس : فكلمت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أن يرد ذلك الذهب علي فقال : أما شيء خرجت لتستعين به علينا فلا ، قال : وكلفني رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) فداء ابن أخي عقيل بن أبي طالب عشرين أوقية وفداء نوفل بن الحرث فقال العباس تركتني يا محمد أتكفف قريشا فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) : أين الذهب الذي دفعته إلى أم الفضل وقت خروجك من مكة وقلت لها : لا أدري ما يصيبني فإن حدث بي حادث فهو لك ولعبد الله وعبيد الله والفضل ، قال العباس : وما يدريك؟ قال : أخبرني به ربي قال العباس : فأنا أشهد أنك صادق وأن لا إله إلّا الله وإنك عبده ورسوله والله لم يطلع عليه أحد إلا الله ولقد دفعته إليها في سواد الليل ولقد كنت مرقابا في أمرك فأما إذا أخبرتني بذلك فلا ريب ، قال العباس : فأبدلني الله خيرا من ذلك ، لي الآن عشرون عبدا وإن أدناهم ليضرب في عشرين ألفا وأعطاني زمزم وما أحب أن لي بها جميع أموال أهل مكة وأنا انتظر المغفرة من ربي.