استضعافا واستخفافا ، إفضاء للمستضعفين عن كافة الميزات الإنسانية بل والحيوانية دون أية إفاضة ، بين إبادة لهم وتشريد وإجاعة وسائر ألوان الظلم الساحق الماحق.
ذلك ، وهنا حل وسط لمشكلة الأسرى تحلها آية محمد : (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها)(٤).
فمثلث الملابسات الحربية ، المركّز على (فَشُدُّوا الْوَثاقَ) يقتضي إحدى هذه الزوايا الثلاث ، فأول الأدواء لداء الكفر في الأسرى هو المنّ ، أن تمنوا على جنود الكفر فتحرروا أسرى منهم علّهم يفيقوا عن غفوتهم ، وينتبهوا عن غفلتهم بما يرون فيكم من هذه السماحة المنقطعة النظير ، وذلك إذا لم يشكّل تحريرهم خطرا على الجماعة المؤمنة ، وكما حصل في فتح مكة المكرمة بما قاله الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) «اذهبوا فأنتم الطلقاء» بل ولم يأسرهم أو يحصرهم بعد الفتح المبين الأمين ، لأنه محمد الأمين.
وثانيها هو الفداء ، أن تحرروهم بفدية نفسية من أسراكم عندهم ، أم فدية مالية ، رعاية لنفس الحائطة.
وثالثها الاستمرار في أسرهم حين لا سبيل أصلح منه ، سدا لكل ثغور الخطر ، وتثقيفا لهم في المدارس الداخلية المنزلية.
ذلك ، ففي مسبع الطرق عند إثخان العدو ، هذه الثلاث هي المحبورة حسب الترتيب المصلحي ، المركز على إصلاحهم وسد الإفساد منهم ، وتلك الأربع محظورة إذا لا تأتى بخير إلا شرا وفسادا.
ذلك ، ولكي يأمن خيانة جمع من الأسرى فلا يبادر ببادرة عاجلة فيهم ف :
(وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(٧١).
فالأسرى الخونة لا يفلحون أو يفلجون حيث يمكّن الله منهم فيمكّن