في الإيمان ، فصاحب المبيت لم يخف عن الخطر الهاجم ، وصاحب الغار خاف عن الخطر الناجم ، وهو يرى كيف سدل ستار العنكبوت على باب الغار ، وقد نهاه النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) عن حزنه : (لا تَحْزَنْ) ثم «أنزل (سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ) لا عليهما! وصاحبه كان أحوج إلى السكينة ، وقد «أنزل (اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (٤٨ :) ٢٦) (ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ) (٩ : ٢٦) أو لم يكن صاحبه في الغار مؤمنا فتشمله السكينة النازلة على الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) (إِذْ هُما فِي الْغارِ)؟ أم لم يكن بتلك الدرجة من الإيمان حتى يقرن بالرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) في تلقي السكينة ، إذا فليفرد بسكينة بعد الرسول كما قد أفرد المؤمنون بعد ما جمعوا معه (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً) (٤٨ : ٤) ـ (فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (٤٨ : ١٨).
إذا ف «كيف تؤدي عنه وأنت صاحبي في الغار»؟ «إنما يؤدي عني أنا أو رجل مني» ـ «رجل هو مني وأنا منه» وكما تواتر عنه (صلّى الله عليه وآله وسلم): «علي مني وأنا منه» (١).
__________________
(١) لقد تواتر عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) هذا الحديث بألفاظ عدة منها : «علي مني وأنا منه ولا يؤدي عني إلا أنا وعلي» رواه حبشي بن جنادة وأخرجه عنه تسعة وثلاثين من أعاظم المحدثين.
والثاني حديث جابر رواه عنه جماعة من الأعاظم ، والثالث حديث أبي رافع عن عشرة ونصه قال : لما قتل عليّ أصحاب الألوية يوم أحد قال جبرئيل يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) إن هذه لهي المواساة فقال له النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) : إنه مني وأنا منه فقال جبرئيل : وأنا منكما يا رسول الله ـ أخرجه أحمد في المناقب ، والرابع حديث بريدة رواه عنه خمسة عشر من الأعاظم ، قال فيه (صلّى الله عليه وآله وسلم): لا تقع في علي فانه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي ، والخامس حديث عمران بن حصين عن إحدى وأربعين وفيه ما لهم ولعلي إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي ، والسادس حديث زيد عن ستة وفيه قال (صلّى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): أما أنت يا علي فختني وأبو ولدي وأنا منك وأنت مني ، والسابع حديث هبيرة بن بريم عن علي (عليه السلام) عن ثمانية وفيه : وأما أنت يا علي فمني وأنا منك ـ