ولا يعني «رجل مني» فقط نسبة النسب أو السبب ، فإن مكانة الرسالة الربانية لا تعرف نسبا ولا سببا ولا حسبا وما أشبه ، فإنما «مني» هو من عقيلتي الرسالية حتى يؤدي عني ما أنا مؤديه كرسول ، ومما يشهد له «وأنا منه» وصحبة الغار ـ ولا سيما مع ذلك العار ـ ليست لتصحب معها الأداء عنه (صلّى الله عليه وآله وسلم) ، فمجرد «لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني ـ أو علي ـ فإنه مني» يكفي في أفضليته على أبي بكر ومن سواه ، فأما «كيف تؤدي عني وأنت صاحبي في الغار» فعلى كافة الاحتمالات تدل على عدم جدارته لذلك البلاغ (١).
__________________
ـ والثامن حديث حسن بن علي عن ثلاثة وفيه : أما أنت يا علي فمني وأنا منك وأنت ولي كل مؤمن بعدي ، والتاسع حديث عمر بن الخطاب عن ثلاثة وفيه قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): أنت مني وأنا منك ، وقال عمر : توفي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) وهو عنه راض ، والعاشر حديث البراء عن تسعة وعشرين ، ثم وحديث أبي ذر وأم سلمة وابن عباس وغيرهم رواه عنهم جماعة.
ذلك وقد تواتر أيضا هذا الحديث ضمن حديث الأداء ومنه حديث حبشي بن جنادة والبراء بن عازب وعمران بن حصين وأسامة بن زيد وأبي رافع وبريدة وعلي (عليه السلام) وجابر وأنس ورافع بن أبي خديج ويتحد الكل في معنى (علي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي أم بإسقاط ذيله ، والقسم الأول ذكره المرجع الديني السيد شهاب الدين المرعشي في ملحقات إحقاق الحق ٥ : ٢٧ ـ ٣١٧ ، والقسم الثاني ذكره في ١٦ : ١٣٧ ـ ١٦٧ ، والمجموع ٧٣ صفحة فيها اسماء المخرجين والرواة والكتب ومتون الحديث المتقاربة المعني.
(١) فهنا احتمالات تالية : ألا يحق الجمع بين منصبين اثنين لصحابي واحد؟ والإمام جمع هنا بين هذا الأداء وأفضل من صحبة في الغار! أن صحبة في النار هي أفضل من هذا الأداء؟ و «لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل من أهلي» يفضل ذلك الأداء على كل المناصب ، إن هذه الصحبة وهذا الأداء سيان؟ فلما ذا يحرم بعد نصبه عن منصب هو مثل صحبته في الغار! فلم يبق أن هذه الصحبة سلبت عنه تلك الجدارة ، أو ليس الأجدر بالرسول في مثل تلك الرسالة في حياته أجدر به باستمرارية رسالته بعد مماته؟!
أقول : ولا يعبأ باختلاف الروايات في أن المؤدي ـ بالأخير ـ كان هو أبا بكر أم وأبو هريرة بأمره ، أم وحتى علي (عليه السلام) كان يؤدي تحت قيادته ، حيث المتواتر الذي ـ