إلا أن الأشهر الحرم المعروفة علّها هي المعنية بطبيعة الحال ، ثم ولا يعبر عن أضغاث أيام من أشهر بأشهر! وليس (أَذانٌ مِنَ اللهِ) هو بداية الإعلان ، إنما هو استمرارية البيان على رؤوس الأشهاد حتى لا تبقى أية حجة.
فقد يجوز أن آية (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) المحددة سيحهم المهددة إياهم قرأت عليهم قبل شوال أم أوله ليأخذوا عدّتهم إما إيمانا فأمانا أم سواه فسواه.
ثم قرأت آية الأذان يوم الحج الأكبر وهو على الأظهر يوم الأضحى أو عرفة.
__________________
ـ وسلم) من غزوة تبوك في سنة تسع من الهجرة ، قال : وكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) لما فتح مكة لم يمنع المشركين الحج في تلك السنة وكانت سنة من العرب في الحج أنه من دخل مكة وطاف بالبيت في ثيابه لم يحل له إمساكها وكانوا يتصدقون بها ولا يلبسونها بعد الطواف فكان من وافى مكة يستعير ثوبا ويطوف فيه ثم يرده ومن لم يجده عارية ولا كرى ولم يكن له إلا ثوب واحد طاف بالبيت عريانا ، فجاءت امرأة من العرب وسيمة جميلة فطلبت ثوبا عارية أو كرى فلم تجده فقالوا لها : إن طفت في ثيابك احتجت أن تتصدقي بها فقالت : كيف أتصدق وليس لي غيرها؟ فطافت بالبيت عريانة وأشرف لها الناس فوضعت إحدى يديها على قبلها والأخرى على دبرها وقالت شعرا :
اليوم يبدو بعضه أو كله |
|
فما بدا منه فلا أحله |
وكانت سيرة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) قبل نزول سورة براءة أن لا يقابل إلا من قد قاتله ولا يحارب إلا من حاربه وأراده وقد كان أنزل عليه في ذلك (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) فكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) لا يقاتل أحدا قد تنحى عنه ومن لم يعتزله إلا الذين قد عاهدهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) يوم فتح مكة إلى مدة منهم صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو فقال الله عزّ وجلّ : «براءة أربعة أشهر» ثم يقتلون حيثما وجدوا بعد هذه أشهر السياحة عشرين من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشرا من ربيع الآخر ، فلما نزلت الآيات من سورة براءة دفعها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) إلى أبي بكر وأمره أن يخرج إلى مكة ويقرأها على الناس بمنى يوم النحر فلما خرج أبو بكر نزل جبرئيل على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) فقال : يا محمد لا يؤدي عنك إلا رجل منك ...