للحق ، مما يدل على حجة القرآن البالغة ، الدالة على ربانية آياته ، وأنها دون أي مساعد آخر يرشد السالكين المتحرين عن الحق إليه ، فقيلة أن القرآن لا يفهم إلّا بدلالة وتفسير السنة كأصل ، إنها غيلة وحيلة على القرآن الذي هو بيان للناس ، ولأن المعدات والقابليات مختلفة فعلى القيادة الحربية إسماعه كلام الله لحدّ يقنعه تماما دون أي خفاء لكيلا يبقى له عذر في رفض الحق.
٢ الاستجارة لسمع الحق تفرض على أهله عندها الإجارة الصالحة له ، وإتاحة الفرصة بعده حتى يتروى فيما سمع ـ كما تشير له «ثم» المراخية لإبلاغه مأمنه ـ مما يبرهن على أن معرفة أصول الدين ليست إلّا بالاجتهاد قدر الجهد والإمكانية الذاتية ، ثم الاستعانة الاستجارة بمن يعرف الحق بصورة مقنعة ، فلا تعني الاستجارة هنا فقط فسح المجال بين المستجير وبين سماع كلام الله لمكان القصور الذاتي أو الحالي للبعض من المستجيرين ، فعلى أهل الله أن يبينوا كلام الله قدر ما يقنع المستجير.
٣ وبطبيعة الحال لا تعني (حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) مجرد السماع لمجرد الكلام وإن لم يفهم معناه ومغزاه كالذي لا يعرف لغة القرآن ، أو يعرفها ولكنه لا يعرف مغازي الكلام لحد تنتجه صالح النتيجة.
٤ ولأن هذه الآية تحمل فرضا فطريا عقليا صالحا للدعوة الربانية الصالحة التي لا مرد لها ولا حول عنها ، لذلك فلا تتحمل النسخ حيث (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) ولا ملاحقة قبل بيان الحجة وتمامها ، فليست أمثال (قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) مما تنسخ هذه الآية.
٥ ولأن الخطاب هنا يخص الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) في (اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ) فقد نتلمح قرن البيان الرسولي إلى بيان القرآن ، الرسالي ، ولمكان (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) مما يفرض المحاولة الصالحة المقنعة لكامل السمع لكلام الله ، دون مجرد الكلام أيّا كان ومن أيّ كان مهما يحمل كل القرآن ، إنما هو (وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً