ذلك ، فسائر الطرق المختلقة المختلفة ، فلسفية وعرفانية أمّا هيه ، غير طريق الفطرة بالعقلية الصالحة والشرعة الربانية ، هي طرق ملتوية غير معصومة مهما كانت صالحة غير مدخولة ، حيث التغاضي عن الفطرة كأصل تكويني معصوم ، مع التغاضي عن الشرعة كأصل تشريعي معصوم ، إنه تغاض مذموم مأثوم ، ولا بد في سبيل معرفة الله من زاد معصوم هو الفطرة ، وراحلة معصومة هي الشرعة ، حتى يسلك سالك العقل سبيله الصالحة وصراطه المستقيم إلى الله.
ولا بد في ذلك السلوك من سلبيات وإيجابيات ، سلبا للغشاوات عن الفطرة والعقلية التي تتبانا ، وعن الشرعة فيما حرفت ، وإيجابا لأحكام الفطرة إحكاما لأحكام العقل ، وإيجابا للتعقل في استنباط الأحكام الفطرية ، وإيجابا للشرعة تكملة للأحكام الفطرية والعقلية في مستقلاتها ، وإبداعا في غير المستقلات فطرية وعقلية.
ذلك ، ولو كانت معرفة الله بدرجاتها بحاجة إلى مقدمات منطقية وفلسفية وعرفانية وعلمية مصطلحة ، لكانت منحصرة في الأخصائيين في هذه الصلاحات ، وهي في نفس الوقت غير معصومة عن الأخطاء قاصرة ومقصرة ، ولكنما المعرفة الفطرية هي الكاملة الشاملة كل ذي فطرة ، ثم وهي تتكامل بالعقلية الصالحة التي تتبناها كأصل أوّل ، ثم تتبنى شرعة الله كأصل ثان ، فهي ـ إذا ـ سائرة مسيرها إلى معرفة الله بجناحي الفطرة والشرعة ، مستزيدة في هذه السبيل بزائد التعقل فالمعرفة والعمل الصالح.
ومهما كان الإنسان قاصرا في سائر القوات المدركة بتقصير أو قصور ، ليس هو قاصرا في فطرته ، فمهما عاند في تكذيب آيات الله آفاقية وأنفسية ، فليس له أن يعاند فطرته حين تظهر دون إختياره عند ما تنقطع كافة الأسباب الحيوية التي يعتمد عليها ، حيث الذات الإنساني تتعلق بنقطة مجهولة مرموزة وهي نقطة الربوبية ، وهنا يفحم الناكر لوجود الله ووحدانيته بكلمته الفطرة «بلى» إجابة عن (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) حيث هي محاكاة عن حكم الفطرة ، دون مقاولة لفظية.