فهؤلاء لا يسالمونكم أو يعاهدون إلا مضطرين (وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ) غلبا في المعركة أم في القوة «لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأكثرهم فاسقون» خارجون عن أي إل أو ذمة.
فهم ـ إذا ـ لا يقفون في التنكيل بكم لحد حتى المتعارف في أية بيئة إنسانية ، متجاوزين كافة الحدود والأعراف ، وهم أولاء الأنكاد الأغباش :
(اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)(٩).
(اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ) أنفسية وآفاقية ، رسولية ورسالية ، هذه الآيات المرئية لهم المعروضة عليهم ، اشتروا بها (ثَمَناً قَلِيلاً) من متعة الحياة الدنيا ، وكل ثمن أمام آيات الله قليل.
وبالنتيجة (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) أنفسهم وسواهم ، فأصبحوا في قالهم وحالهم وفعالهم صدا عن سبيل الله على أية حال ، في كل حلّ وترحال ، فهم يحملون أصول الفتن وأثافي المحن والفتنة أكبر وأشد من القتل ، فقاتلوهم يعذبهم الله (إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
هناك «لا يرقبون فيكم» اللامحة لخصوص المؤمنين الحضور ، وهنا «في مؤمن» طليقة تشمل كل مؤمن على مد الزمن إلى يوم الدين ، انتقالا عن خاص إلى عام كيلا يخيّل إلينا أن هذه العداوة خاصة بجماعة خصوص من المؤمنين.
هنا (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) وأمثالها لها نطاق واسع يعم إلى «الذين (اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) كل هؤلاء الذين يصدون عن سبيل الله ، وأفضل سبل الله هو القرآن وعلى ضوءه رسول القرآن.
فقد يصد عن القرآن تكذيبا له وتزييفا لموقفه ، وهذا هو الكفر الجاهر المستهتر ، أم يصد عنه بطرق ملتوية تنقبا بنقاب الحفاظ على حرمة القرآن ، والحياد عن المسّ من كرامة القرآن كالقيلات الغيلات التالية :
١ القرآن ظني الدلالة وقطعي السند ، والحديث قطعي الدلالة وظني السند.