بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)(١).
و «المشركين» هم أنحس مثال في ذلك الحظر ، دون اختصاص له بهم ، وقد يؤيده إضافة إلى «بالكفر» (أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) حيث الحبط يعم المشركين إلى كل الكافرين ، فلا يسمح لهم ككل في عمارة مساجد الله ككلّ ، إضافة إلى الحصر : (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ) مهما كان حصرا في أرجح السماح لعمارة المساجد.
(أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) في الدنيا والآخرة ، فكما ليست لهم أعمال ينفعهم في الآخرة ، كذلك ليست لهم أعمال تسمح لهم بعمار المسجد الحرام وسائر مساجد الله ، ولا لهم أعمال في مساجد الله تنفعهم ، بل وهي تضرهم لأنها تخلفات عن شرعة الله الحاضرة الناسخة لما سواها ، ف :
(إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (١٨).
إن بيوت الله خالصة لله ، خاصة بعباد الله في عبادة الله ، فكيف يعمرها من لا يعمر قلوبهم بتوحيد الله ، فما هي الصلة بين من يسجد للأصنام ومسجد الله لعباد الله؟! أم يسجد للمسيح أم سواه زعم أنه عبادة الله؟ فلا يصلح غير المؤمن بالله أن يعمر مساجد الله ، وإنما (مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَ) هم الصالحون لهذا الصدد المسدّد ، ثم وأولئك الأنكاد هم الطالحون ، إذا فما هو دور المؤمنين الفاقدين لهذه الشروط الثلاثة؟ إن عمارتهم للمساجد لا محظورة ـ إذ ليسوا بكافرين ـ ولا محبورة إذ ليسوا هكذا مؤمنين ، فهم عوان بينهما ، مسموحا لهم عمارة المساجد دون تشجيع.
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢١٩ ـ أخرج أحمد وعبد بن حميد والدارمي والترمذي وحسنة وابن ماجه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن خزيمة وابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) :