المتحري عن إيمان غير شاهد على نفسه بالكفر ، لا عابرا متحريا في شك مقدس ، فلا حظر عن عمارته المسجد.
ومنها الالتزام في كفرهم بالطقوس الكافرة قالا وأعمالا إلى حال ، فقالة الكفر وأعماله للداخل في مساجد الله إزراء بها وبالمؤمنين بالله.
فأما إذا هو كافر لا يشهد هكذا على نفسه بالكفر ، بل ويعمل عمل الإيمان ضمن المؤمنين لأنه محايد مهما لم يكن متحريا ، فقد يجوز دخوله مساجد الله ، إذ لا ضير فيه ولا مس من كرامة ، وقد يجوز اهتداءه في خضمّ الجماعات الإيمانية بطقوسها.
فالكافر المتغيب كفره تحريا عن إيمان ، أم دون تجر على إيمان ، مسالمة ومحايدة مع أهل الإيمان ، قد يجوز له عمارة مساجد الله ، وأما محظور الجنابة فقد يدخل في دوران الأمر بين الأهم والمهم وما أشبه.
والأصل من محظور عمارة مساجد الله هو الصدّ عن أن يذكر فيها اسم الله ، أو يعارض بذكر اسم غير الله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٢ :) ١١٤).
ذلك ، وقد تعين «ما كان» هنا وهناك الإخبار إلى الإنشاء والإنشاء إلى الإخبار ، فبالنسبة للعمارة الروحية إخبار ، ولغيرها إنشاء ، و «ما كان» تضرب إلى أعماق الإخبار والإنشاء.
ولأن الأصل في عمارة المسجد الحرام عمارة الإيمان الصالح ، لا فقط عمارة البنيان والعامرون هم غامرون في الكفر ، خراب عن الإيمان ، لذلك تأتي النبهة الثالثة :
(أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(١٩).