الإنسان دون الملحقين به العائشين على هامشه ، وهنا في حقل الحب يأتي دور البقية مع الآباء والإخوان.
ولأن الحب الأعلى هو للأغلى فليكن الله ورسوله أحب إلى المؤمن حتى من نفسه فضلا عما سواها ، فحين يقول عمر : والله لأنت يا رسول الله أحب إلي من كل شيء إلّا من نفسي ـ يجيبه : «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه» (١).
ولأن الحب ليس إلّا نحو الكمال فالمحبوب ـ إذا ـ ليس إلا الكمال بمن يحمله ، فالأحب هو الأكمل ، ففي مثلث حب الإنسان نفسه ، وسواها من خلق ، وربه ، لا ميزان لأصله ولا فصله إلا أصل الكمال وأكمله ، إذا فحب من سوى الله أو ما سواه دونه إلحاد حادّ ، ثم كون غير الله أحب إليك من الله إلحاد وسط بإشراك ، ومن ثم التسوية في الحب بين الله وسواه إشراك خالص ، والتوحيد هو أن يكون الله أحب إليك مما سواه ، ولكلّ دركات ولتوحيد الحب درجات (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) (٢ : ١٦٥) قالا وحالا وأعمالا ، والتوحيد الحق في حب الله هو أن لا تحب إلّا إياه ، ثم تحب ممن سواه من يحبه الله فتحبه في حب الله قدره ، وأدنى درجات حب الله هو الرجاحة القلبية لحبه على من سواه ، فالرجاحة العملية لحب من سواه أو ما سواه ضعف في مظهر الإيمان ، كاشفا عن ضعفه في القلب.
ولأن المؤمنين بصورة طليقة تشمل إلى المعصومين العدول والفساق الذين دخل الإيمان في قلوبهم ، والذين أسلموا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبهم ، بل والمنافقين ، فالتنديد هنا موجه أولا إلى الأخيرين ، حيث المنافق يحب غير الله أكثر منه علما وتقصيرا ، والمسلم الساذج قبله يحب هكذا قصورا عن تقصير وجهالة ، ثم إلى فساق المؤمنين حيث الفسق عمليا
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٢٣ ـ أخرج أحمد والبخاري عن عبد الله بن هشام قال كنا مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال : والله فقال (صلّى الله عليه وآله وسلم) : لا يؤمن.