مصلحية الحفاظ على أموالهم وأهليهم خوف تهدّرهما رغم التهدّر من دينهم واستمرارية السلطة المشركة عليهم.
ذلك ، ثم «لا تجعلن أكثر شغلك بأهلك وولدك ، فإن يكن أهلك وولدك أولياء الله فإن الله لا يضيع أولياءه ، وإن يكونوا أعداء الله فما همك وشغلك بأعداء الله» (١).
وهنا سير تنازلي في الولاية أمام الله ، ألّا تولوا الكافرين من هؤلاء ، ثم لا يكونوا أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله وإن كانوا مؤمنين ، فالآية السابقة للأولى ، والأخرى للأخرى ، توحيدا وطيدا لولاية الله ورسوله وحبه والجهاد في سبيله ، تفضيلا فضيلا له على من سواه من نفس أو نفيس ، فإن كل متعلق دون الله نحيس بخيس.
ثم (فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) توعيد بمن يحب غير الله أكثر من الله مهما كان مؤمنا ، فضلا عن حب الكافرين من الأقارب أو تولّيهم فإنهم ـ إذا ـ حيّات وعقارب.
و «أمره» المتوعد هنا يعم أمر الحياة لهم إلى أن يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (٥ : ٥٤) (وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ) (٩ : ٣٩).
ومن هؤلاء ـ إلى الذين يأتون في آخر الزمان ـ هم الذين فتح الله بهم مكة المكرمة ، فحين لم يهاجر جماعة من المؤمنين إلى المدينة تحببا إلى أموالهم وأهليهم وتحفظا عليهم فليتربصوا (حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) بمن يفتح الله بهم عاصمة الدعوة وأنتم بعد لازقون بها مخلدين إليها لازمين ، رغم كرور الأمر بالهجرة عنها.
وذلك التجرد عن كل آصرة أمام حب الله يطالب به الفرد والجماعة
__________________
(١) نهج البلاغة (٣٥٢ ح / ٦٣٦ عن الإمام علي (عليه السلام).