بظاهر الجمع الراجع إلى صاحبي القصة ، إلّا إذا دلت قرينة كما فيما تقولون ، ولو كانت هنا قرينة كسائر الموارد ف (نَفْسٍ واحِدَةٍ) ـ لأقل تقدير ـ لا تعني ـ فقط ـ آدم (عليه السلام) مهما كان محتملا ، ولكن الاحتمال ليس بناء الاستدلال ، ففرية الإشراك على أبوينا الأولين لا سناد لها هنا ، والأسناد القرآنية الأخرى تترى على أنهما كانا موحدين ، مهما عصيا في الجنة : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى. ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) (٢٠ : ١٢٢) وكيف يقع اجتباء الله على من يشرك بالله فيما يعلم منه و (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) ولا يلمح القرآن بعد عصيان آدم في الجنة أية لمحة لتخلف منه صغير طيلة حياته وهو رسول ، فضلا عن هكذا الإشراك بالله ، وعوذا بالله من هذه المختلقات الزور الغرور التي يزوّرها لأهليها الغرور ، (أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ) لهم (شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) إشراكا به في صالح ما آتاهم من ولد؟ (وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ)؟
(وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ) وهنا الخطاب الجمع برهان آخر مع عساكر البراهين الأخرى أن التنديد غير وارد على أبوينا الأولين (سَواءٌ عَلَيْكُمْ) أنتم المشركون على مدار الزمن (أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) فهؤلاء الذين تدعونهم من دون الله من حي وميت هم في ضلال لا يهتدون فكيف يتخذون شركاء لله (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (١٠ : ٣٥)!.
(إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) أيا كانوا وحتى الملائكة والنبيين هم «عباد» لله (أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أنهم ليسوا أمثالكم بل هم آلهة كما الله.
«ألهم» أولاء الأموات منهم الذين تعبدونهم (أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ) وحتى الذين لهم أرجل وأيد طائلة وأعين مبصرة وآذان سامعة ، لا يستطيعون نصركم بل ولا أنفسهم ينصرون.