ذلك ، فاحتمال أن النفس الواحدة هنا أبو البشر ، فضلا عن ظهور الآية أو صراحتها فيه كما الخصم يدعيه لا يأتي بشيء ينال من كرامة آدم (عليه السلام) إلّا باحتمالات أخرى لو ثبت :
الأول : رجوع ضمير الغائب في «ليسكن» و «تغشاها» إلى خصوص النفس الواحدة هذه ، وهو خلاف الأدب الفصيح والصحيح أن يرجع الضمير المذكر إلى مرجع مؤنث هو (نَفْسٍ واحِدَةٍ) فالصحيح هنا لو عنيت نفس النفس الواحدة (لِيَسْكُنَ إِلَيْها) و (فَلَمَّا تَغَشَّاها) بضميري التأنيث كما في ضميري (مِنْها زَوْجَها) حيث هما راجعان إلى (نَفْسٍ واحِدَةٍ) وفقا لتأنيثها ، إذا فلا تعني «ليسكن وتغشى» إلّا جنس النفس الواحدة من ذكور بني الإنسان دون شخصها ، وليس من المحتمل رجوع ضمير المذكر هنا إلى «زوجها» لأنوثتها الحقيقية ، ولأن الزوج هو الذي يسكن إلى زوجته من الأتعاب كما (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها) (٣٠ : ٢١).
الثاني : أن تعني «شركاء» شخص إبليس حسب الرواية المختلقة ، والجمع لا يناسبه ، فهم ـ إذا ـ الشركاء المعبودون لجنس بني الإنسان.
الثالث : رجوع ضمير الجمع في «يشركون» وما أشبه من بضع وعشرين إلى خصوص آدم وزوجه والفصيح الصحيح رجوعه إلى الجمع دون المثنى ، إضافة إلى استقبال تلكم الجموع ، والمثنى ماض فقد رجع الضمير المفرد الغائب في «ليسكن وتغشاها» إلى نوع مرجعه وهو كل ذكر من ذلك النوع لا شخصه ، استخداما لطيفا في ذلك الإرجاع.
وهكذا ترجع ضمائر الجمع أيضا من «يشركون» وما أشبه إلى جمع الأزواج من نوع الإنسان ، أي يشركون هؤلاء الأزواج ، استخداما لطيفا حيث هو من المجازات الحسنة اللطيفة.
ثم من قال لكم ـ بعد ـ إن (نَفْسٍ واحِدَةٍ) هنا هي شخص آدم إلّا على وجه أن «من» في (مِنْها زَوْجَها) نشوية لا جنسية ، والجنسية هي المعنية هنا للذكورة في «ليسكن وتغشاها» والجمعية في بضع وعشرين ،