هي الرجاجة لهم على من سواهم؟ مردود بأن الله إنما يشاء في كل دور من الأدوار الرسالية أن يصنع رسول أم رسل ، فلا يصلح أن يصنع هكذا كلّ الخليقة ، فإنما يصطفي من يعلم جدارته وهو يتحمل ما يحمّل من رسالته.
فلا ترجيح ـ إذا ـ دون مرجح ، بل هو ترجيح بمرجح ، ثم الله يصنع المترجح في علمه كما يصلح لحمل رسالته ، وبصورة عامة (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) :
فقد يصطفي من هو بالفعل أصفي وهو يبقى أصفى كرسول الهدى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأضرابه ، أم يصطفى من يعلم أنه سوف يكون أصفى فيصفّيه الله لحد يصلح لحمل رسالته تعالى ، وهما مشركان في واجب حمل الرسالة بكل جدارة معنية دون تفلّت عنها ولا تلفت إلى غيرها.
ومما يختص بالله تعالى فيهم أن يصطفيهم من أصلاب طاهرة وأرحام مطهرة لم تنجسهم الجاهلية بأنجاسها ، ولم تلبسهم من مدلهمات ثيابها.
ذلك ، وحصيلة البحث حول العصمة الرسالية ، أن تحصّل الحالة اللابقة اللائقة لحمل رسالة الله لا بد له من تحصيل ، إما إلهي فقط؟ وأن ليس للإنسان إلا ما سعى! أم خلقي فقط؟ وهو خارج عن مقدوره إذا عنت كل أبعادها ، فلتكن أمرا بين أمرين أن يصطفي الله من يعلم أنه سوف يحمل كل أعباء رسالته دون إبقاء ، ثم هو يؤيده قبل رسالته وعندها وبعدها ، حيث العصمة البشرية لا تكفي بمفردها عصمة عن الأخطاء ، ومن تأييده تعبئة الرسل منذ ولادهم حتى نزول الوحي إليهم ، وهم على طول الخط مجتهدون قمة جهدهم وغاية سعيهم ووسعهم.
فالشروط التي تهيئ لنزول الوحي ليست كلها مختارة لأي إنسان ، فلا بد في الخارجة عن الإختيار من صنع رباني يصيّر إلى صالح الوحي الرسالي وليس ليسيّر ، كما وليست مسيرة كلها ، فأن ليس للإنسان إلا ما سعى ، فالرسالة بمقدماتها وأصلها وبلاغها هي أمر بين أمرين من صنع رباني فيما لا صنع لغيره فيه ، وصنع إنساني هو بين رحمة ربانية وجدارة