تحقيق أمر الله ، فهو مجتمع أمريه تكوينا وتشريعا كما الأول ، مهما اختلف محتوم عن معلق حيث هما بأمر الله و (هُوَ مَوْلانا) لا سواه (وَعَلَى اللهِ) لا سواه (فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) بالله ، دون توكل في أيّ من الأمور على سواه.
وهنا (ما كَتَبَ اللهُ لَنا) يعم إصابة الحسنة والسيئة ، وهما لنا حسنة حيث كتب الله لنا ، فما كتب الله للمؤمن هو خير له أيّا كان ، وما يكتبه غيره مفارقا شرعة الله هو شر أيّا كان ، فهو ـ إذا ـ مما كتب الله عليه كما هو كتبه على نفسه ، ف «لنا» صالحة تختص بالصالحين و «علينا» طالحة لسائر الناس الطالحين (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى).
فالمؤمنون منصورون هازمين ومنهزمين ، قاتلين ومقتولين ف (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٩ : ١١١).
ذلك ، فلا تعني (ما كَتَبَ اللهُ لَنا) أن كل المحاصيل بسوء الإختيار إلى حسنه هي مما (كَتَبَ اللهُ لَنا) طالما الكتابة الربانية تحلّق عليها كلها ، إذ (ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً) (٣ : ١٤٥) فأين كتابة من كتابة؟.
هنا كتابة حسنة أو سيئة ونحن في سبيل الله وتحقيق أمر الله فهي خير لنا تكوينا إلى تشريع وتشريعا إلى تكوين ، وهناك كتابة حسنة أو سيئة وهم في سبيل الطاغوت فهي شر لهم في تكوين ، وشر لهم في تشريع ، حيث خالفوا فيها شرعة الله فهو مما كتب الله عليهم ، وهنا يبرز ناصع الحق وناصحه من قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «قال لكل شيء حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه» (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٤٩ ـ أخرج أحمد عن أبي الدرداء عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ...