لقد تكرر ذكر الحسنى في القرآن ثمانية عشر مرة ، المناسبة منها لما هنا تعني الحياة الحسنى ، وهي الطليقة دون اختصاص بجانب منها تحلّق على كافة الحيويات الحسنى ف (لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى) (١٣ : ١٨) (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى) (١٨ : ٨٨) (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) (٩ : ٦) وإلى (إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) انشقاقا للحسنى إلى اثنتين ، إنما هي الحسنى هنا ، فإما نقتل في سبيل الله أم نقتل : ف (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٩ : ١١١).
فالحسنيان بالنسبة لآحاد المجاهدين في سبيل الله أن يقتلوا أو يقتلوا ، وهما نسبة إلى المجموعة المجاهدة غالبين ومغلوبين ، فحين يؤدي المجاهدون في سبيل الله واجبهم كان انهزامهم كهزيمتهم عدوّهم على سواء.
فسواء أصابتهم سيئة أم اصابتهم حسنة في حرب وسواها ، فما داموا هم هنا وهناك في سبيل الله فهم يعيشون إحدى الحسنيين إذ (لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللهُ لَنا) من حياة أو ممات ، من هزيمة أو انهزامة ، ومن مختلف ملابسات الحياة.
ذلك وقد يجمع بين الحسنيين فرادى وجماعات ، فالمناضل الذي
__________________
ـ وآله وسلم) ، قال : مالي أراكم بذة هيئتكم قليلا سلاحكم؟ قال : ننتظر إحدى الحسنيين أما أن نقتل فالجنة وإما أن نغلب فيجمعهما الله تعالى لنا ، الظفر والجنة ، قال : أين نبيكم؟ قالوا : ها هو ذا ، فقال له يا نبي الله ليست لي مصلحة آخذ مصلحي ثم ألحق ، قال : اذهب إلى أهلك فخذ مصلحتك فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم بدر وخرج الرجل إلى أهله حتى فرغ من حاجته ثم لحق بهم ببدر فدخل في الصف معهم. فاقتتل الناس فكان فيمن استشهد فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أن انتصر فمر بين ظهراني الشهداء ومعه عمر فقال : ها يا عمر انك تحب الحديث وان للشهداء سادة وأشرافا وملوكا وان هذا يا عمر منهم.