يقتل ثم يقتل ، والجيش الذي يهزم ويهزم ، أما ذا من جمع بين الحياتين الإيمانيتين ، هؤلاء هم من مجامع الحسنيين.
فرغم أن أعداءنا يتربصون بنا كل دوائر السوء غالبين ومغلوبين ، هنا يعبر عنهما ب «الحسنيين» فإما إحداهما أم كلاهما ، فلا نعيش نحن إلّا حياة سعيدة على أية حال ما دمنا نعيش مرضات الله تحقيقا لشرعته في حياتنا وكل حيوياتنا ، مهما أنكر ناكرون ، حيث الواقع لنا (إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) مهما كان متربّص العدو إصابتنا بقتل أو شبهه وهي السوأى الوحيدة دون أية حسنى فضلا عن إحدى الحسنيين.
فذلك الإعلان مما يرتعش به العدو حيث يعرف ـ مهما كان ناكرا في نفسه ـ أننا صامدون في خط النار ، غير راجعين إلّا بإحدى الحسنيين ، فحين يعرف العدو مدى صمودنا يحسب حسابه أمامنا فيهدر وينحدر من علواءه وغلواءه إلى واقع حضيضه ، فيفقد حظه في جبهة القتال.
ذلك في ضفّة الإيمان على مدار حياة الإيمان ، وأما حياة الكفر ف : (نَحْنُ نَتَرَبَّصُبِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ) هنا ، أم بعد الموت في البرزخ والأخرى (أَوْ بِأَيْدِينا) أن تقتلوا أو تغلبوا ، فنحن ـ إذا ـ منتصرون غالبين ومغلوبين ، وأنتم معذبون غالبين ومغلوبين «فتربصوا» بنا إحدى الحسنيين (إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) بكم إحدى السوأتين.
(قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ (٥٣) وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كارِهُونَ (٥٤)