فلو أنك تأملت في نفسك ، من أنت فعرفت أنك الفقر المجرد اللّاشيء عن أي غنى ، ثم تأملت في مقام ربك من هو ، فعرفت أنه مجرد الغنى وله كل شيء ، ثم فكرت في موقفك من صلاتك أنك على فقرك دعيت إلى معراج ربك لمصلحتك وحاجتك دون حاجته سبحانه ومصلحته ، لذبت تخجلا من ذلك الشرف العظيم ، وي إن ربي دعاني بل فرض علي أن أكلمه؟ وأنا عنه لاه مفكر في سواه.
ولكنك لما تصلي دون صلة ، فارغا قلبك عن الحضور بمحضره ، ناسيا ربك حاضرا لما سواه ، كان عليك أن تموت خجلا.
ولو لا واجب الصلاة بأمر الله لكانت صلواتنا محرمة من الكبائر ، لأنها هتك لساحة الربوبية أن نحسب لكل غاية فيما سوى الله حسابه ، ولا نحسب للصلاة لديه أي حساب!.
ذلك ولنعرف أن إتيان الصلاة حالة الكسل هو من علامات النفاق ومن أسباب عدم قبول الإنفاق ، مهما لم يصل إلى حد النفاق الرسمي الذي تتحدث عنه هذه الآية وما أشبه من آيات النفاق ، وأقل تقدير هنا أن إنفاق هؤلاء وإن أسقط واجب تكليف الإنفاق ، ولكنه لا يقبل كما يقبل سائر الإنفاق رفعا له إلى ساحة القبول حيث (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ).
فثالوث : الكفر بالله ، وإتيان الصلاة كسالى ، والإنفاق كارها ، هذه دركات ليست تقف لحد المرسوم منها ، فمهما نزلت هذه الآية تنديدا بالمنافقين ، فقد تشمل الموافقين الذين لهم نصيب منها ، ف (ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (١٢ : ١٠٦) توسّع نطاق الإشراك بالله كما (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) تسلب البر عما دون ما تحبون مهما لم تكونوا كارهين ، و (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) تخرج الصلاة المأتي بها حالة الكسل عن حقل الصلاة ، بل هي منكرة من المنكرات فكيف (تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ).
ذلك فإصلاح الصلاة إصلاح لكافة العبادات ، وكافة القالات