(١٤٢) والكسل يعم الجسم إلى الروح ولأن كلا يؤثر على الآخر.
ذلك فصلاة الكسلان المرائي حابطة منافقا كان أو مؤمنا ، ولكن المنافق كل أعماله حابطة قضية عدم الإيمان ، فالمؤمن بشيء يضحي في سبيله قدر إيمانه ، فهلّا نصلي نحن في نضارة الخاطر وحضارة الحال ، وربنا هو الذي دعانا وأمرنا أن نحضر معراجه ، وسمح لنا أن نكلمه بمحاويجنا ، فالتثاقل التكاسل عن الصلاة ، أو إتيانها كسلانا ، هو دليل على عدم الهمامة فيها ترجيحا لسائر المهام ، ويكأن غير الله أحب إلينا من الله؟ أو أن سائر الصلات أنفع لنا من الصلة بالله.
فلنستجوب أنفسنا في محكمة العقل والإيمان إن كان لنا إيمان ، ولنتدرج في درجات القرب والرضوان من الرحيم الرحمان حتى نصل لحد لا نرجح على حال الصلاة حالا ، ولا على أقوال الصلاة أقوالا ، ولا على أفعالها أفعالا ، وكما قال أول العابدين : «وقرة عيني الصلاة» جرب قلبك ، هل إن شوقك للقاء الله أكثر أم لسائر اللقاء ، فيا ويلاه إن كنت ترجح سائر اللقاء على لقاء الله ، وسائر الصلات على الصلاة لله.
إن أهل الله لا يصطفون على حال الصلاة حالا ، بل هم دائبون في الصلاة «خوشا آنان كه دائم در نمازند» : (الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) (٧٠ : ٢٣).
ولأنها عمود الدين وعماد اليقين ، لذلك نجدها من أجلى جلوات الشياطين ، وأسرع صرعاته ضد المصلين ، حيث يكرس كافة طاقاته بكل خيله ورجله ليصرعهم فيها ، ولكي يصرعهم في سواها ، لأن «الصلاة عمود الدين إن قبلت قبل ما سواها وان ردت رد ما سواها».
فقد يبعد عنك شيطانك في شطر من صلاتك فيجلو لك ما غاب عنك من حصائل فكرية مهما كانت حول غوامض من الكتاب والسنة ، قضية زوال الحجاب بينك وبينها ، فيخيّل إليك الشيطان أن الصلاة هي مجال الحصول على كل ضالّة فكرية ثمينة بعد ضالتها ، فيخرجك بذلك عن الحضور أمام ربك فيها ، فيجعل صلاتك الفائضة بالصلاة فاضية خاوية عن الصلات.