ثم مكيات أخرى ثلاث تعبر عن الزكاة ب «حق معلوم» (١) و (حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ)(٢) ، مما تقضي على الفرية الشهيرة على الزكاة أنها ـ فقط ـ
__________________
(١) ومهما فسر «حق معلوم» في قسم من الروايات بغير الزكاة ، فقد يعني غير الزكاة المعروضة ذات النصابات المعلومة ، لا سيما وأن آيتي «حق معلوم» مكيتان ولم تكن في مكة للزكاة نصاب ، ومما ورد في ذلك ما رواه عبد الرحمان الأنصاري قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول أن رجلا جاء إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال له : أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ (فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ. لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)؟ ما هذا الحق المعلوم؟ فقال له علي بن الحسين (عليهما السلام) ، الحق المعلوم.
(٢) هو في آيتين : المعارج ٢٤ والذاريات ١٩ (فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ. لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) وفي الانعام ١٤٣ (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ ... وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ ..) وتفصيلا للهوامش ١ ـ ٢ إليكم نصوص الآيات التالية :
فالزكاة فريضة مكية لشطرين من آياتها ، فالثاني آيات مدنية أربع تتحدث عن واجب الزكاة في الشرايع السابقة ك (أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا) (١٩ : ٣٢) ـ (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) (٢ : ٤٣) ـ (وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ) (١٩ : ٥٥) ـ (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) (٢١ : ٧٣).
والشطر الأوّل هي مكيات تسع : (.. وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ ..) (٧ : ١٥٦) ـ (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ) (٢٣ : ٤) ـ و (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) (٢٧ : ٣) و (٣١ : ٤) ـ (.. وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) (٣٠ : ٣٩)(وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ. الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) (٤١ : ٧) ـ (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) (٨٧ : ١٤) (.. وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً) (٧٣ : ٢٠) (الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى) (٩٢ : ١٨).
فهذه ثلاثة عشر آية تحدث عن واجب الزكاة قبل العهد المدني.
ومن ثم آية الانعام (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ ...)(١٤٣) وآية (حَقٌّ مَعْلُومٌ) في المعارج (٢٢) والذاريات (١٩) : (فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ. لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ).
فهذه ستة عشر ، ثم آياتها المدنية أقل منها وإنما تزيد على المكية الأمر بالأخذ من أموالهم : «خُذْ مِنْ (أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) (٩ : ١٠٣) وقد نزلت في تاسع الهجرة أو عاشرها ، ثم بين الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) نصابات الزكاة.
فمن ثلاثين آية حول الزكاة التي أكثرها مقرونة بالصلاة تسعة منها مكيات والباقية مدنيات!.